الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ١٧٨
سنته سبحانه في الأديان السابقة، ولذلك أبقى الوسيلة مطلقة ولم يبينها، لأنها معهودة في أذهان المسلمين بأنها الأعمال الصالحة والرسول، وما يحدده الرسول (ص).
وبذلك تكون الآية إذنا للمسلمين بأن يتوسلوا إليه بأعمالهم وبأنبيائه وأوليائه، كما كانت السنة في الأديان السابقة.
فإن قلت: ما دام الإسلام جاء بمبدأ الواسطة بين الله وعباده، وأمر به، فلماذا كل هذه الحملة في القرآن والحديث على المشركين الذين اتخذوا آلهتهم ومعبوديهم وسائط بينهم وبين الله تعالى؟ وماذا يكون الفرق بينهم وبين المؤمنين؟!
فالجواب: أن الفرق بين المؤمنين والمشركين في كل الأديان: أن المشركين جعلوا له شفعاء لم يأذن بهم فأشركوهم معه. وأن المؤمنين وحدوا الله تعالى وأطاعوه، بأن جعلوا وسيلتهم لتوحيده والطلب منه وسيلة مشروعة وشفعاء بإذنه هم الأنبياء والأولياء.
فيكون الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد: أن الواسطة التي أذن بها الله تعالى، لا تنافي التوحيد بل تؤكده، لأنها واسطة بأمر الواحد الأحد وإجازته..
والواسطة التي لم يأذن بها تكون شركا، يخرج بها أصحابها عن التوحيد مهما ادعوه.
وثانيا، لأن جعل هؤلاء الرسل واسطة لا يتضمن ادعاء بأن لهم شراكة معه تعالى ولو بمقدار ذرة، بل هم عباد مكرمون، أذن سبحانه لعباده أن يجعلوهم وسائط لعطائه، بل أمر بذلك.
* وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الخامسة مساء:
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست