وإذا وردت في القرآن آيات كثيرة تحمل معنى الهداية من الله لخلقه والتوفيق والاضلال والخذلان والختم والطبع على القلوب... اعتقدوا أن مثل هذه الآيات مناقضة لمبدأ العدل الإلهي، ولفكرة (الحرية الفردية) فإنهم شددوا في وجوب تأويلها جميعا فقالوا في الهداية: إنها على معنى التسمية والحكم والارشاد وإبانة الحق، وليس له تعالى من هداية القلوب شئ.
وقالوا في التوفيق: إنه توفيق عام، يكون بإظهار الآيات وإرسال الرسل وإنزال الكتب.
أما الاضلال: فقد أولوه على معنيين أحدهما:
أن الله تعالى أضل، بمعنى: أسماه ضالا، أو أخبر أنه ضال.
والثاني: على معنى أنه جازاه على ضلالته، وكذلك الخذلان معناه التسمية أو الحكم بأنهم مخذولون، وليس الاضلال والاغواء والصد عن الباب...
وكان (الفوطي) وتلميذه عباد بن سليمان أكثر المعتزلة تشددا في هذا الأمر، فإن الفوطي كان يمنع إضافة بعض الأفعال إلى الله تعالى، ولو ورد بها التنزيل، فلا يجب أن نقول أنه تعالى يؤلف بين قلوب المؤمنين، بل هم المؤتلفون باختيارهم، ولا أنه تعالى يحبب إليهم الإيمان، ويزينه في قلوبهم، ولا أنه يضل الفاسقين (1).
وإذا كان التصور الأول يمس (عدل) الله تعالى فإن هذا التصور يمس