الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٦٩
لدى المهندسين المكلفين بتشغيله وانصرف هو لشأنه، فإن هذا المعمل يجري ويعمل ضمن أنظمة ثابتة حتى مع غياب المهندس الذي أنشأ هذا المعمل... كذلك تتصور المعتزلة علاقة الله تعالى بهذا الكون، علاقة في مرحلة الحدوث فقط، والانسان بعد ذلك يعمل باختياره وإرادته في الأرض، وقد فوض الله تعالى إليه أمره كله ولم يكن بينه تعالى وبين الانسان من علاقة إلا ما كان من أمر الإيجاد والابداع والخلق والتكوين في مرحلة الحدوث.
وهذا التصور يسلم عن نسبة الظلم إلى الله تعالى، ولكنه يسلب سلطان الله عن الكون والإنسان، ويحصر سلطان الله تعالى على الكون في مرحلة واحدة، ويقطع - نظريا - إمداد الله تعالى وتوفيقه وفضله عن حياة الانسان، ويذهب إلى أن الله تعالى خلق الانسان ومنحه ما وهبه من المواهب ثم تركه وأوكله إلى نفسه يواجه مصيره ومسؤولياته لوحده.
وأخطر ما في هذا الاتجاه، بعد الجانب العقائدي والناحية العقلية، أو قبلهما، أنه يقطع أو يضعف علاقة الانسان بالله تعالى في حياته اليومية وعمله وتحركه.
فإن أكثر اتصال الانسان بالله تعالى ليس من خلال (العقيدة) و (العبادة) فقط وإنما من خلال حاجاته اليومية في حركته وعمله إلى الله تعالى، وتأييده وإسناده وإمداده، في السوق والبيت، والعمل السياسي، ومشاكله ومتاعبه.
وهذه المشاكل والمتاعب التي تواجه الانسان هي التي تلجئه إلى الله تعالى وتربط ما بينه وبين الله تعالى.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99