من مصدرها بعد انفصال مصدر الحرارة عنه، وبقاء البناء بعد أن يكمله البناء وذهابه لشأنه، وما يشبه ذلك.
وإلى هذا الرأي يشير الشيخ ابن سينا في الإشارات: (وقد يقولون: إنه إذا وجد فقد زالت الحاجة إلى الفاعل حتى إنه لو فقد الفاعل جاز أن يبقى المفعول موجودا كما يشاهدونه من فقدان البناء وقوام البناء، وحتى أن كثيرا منهم لا يتحاشا أن يقول: لو جاز على الباري تعالى العدم لما ضر عدمه وجود العالم، لأن العالم عندهم إنما احتاج إلى الباري تعالى في أن أوجده، حتى كان بذلك فاعلا، فإذا جعل وحصل له الوجود من العدم فكيف يخرج بعد ذلك الوجود إلى العدم حتى يحتاج إلى الفاعل) (1)؟.
والمفوضة، بناء على هذا التنظير الفلسفي يذهبون إلى أن الانسان يستقل عن الله تعالى بعد أن يخلقه، ولذلك فهو مستقل في اختياره وفعله عن الله تعالى تماما.
وهذا رأي باطل لا يقاوم الأدلة العقلية القطعية التي تقرر بأن حاجة المعلول إلى العلة ليس في مرحلة الحدوث فقط بل في الحدوث والبقاء على نحو سواء، وإذا زالت العلة زال المعلول تماما، فإن المعلول قائم بالعلة وبزوال العلة يرتفع المعلول إذ ليس للمعلول وجود مستقل غير ما تفيض العلة على المعلول (وهو علاقة العلة بالمعلول) ومتى انقطعت هذه العلاقة وانتهت هذه الإفاضة ينتهي المعلول بطبيعة الحال.
وما يتراءى لنا من النظرة الساذجة الأولى من استمرار وجود المعلول