بل كان يريد إنقاذ الإسلام والمسلمين بعد أن وصلت الأمور إلى شفا جرف الردة على يد الحزب المنافق من الطلقاء والطرداء والمؤلفة قلوبهم من بني أمية وقريش، وبعد توفر الناصر، ولما خذلوه فإن ظرف الأمة فرض عليه التضحية وعدم الاستسلام، وكان عالما بأن القتل المفروض عليه سيكون سببا في تقويض دعائم الظالمين، وفي تحقيق ما قام لأجله من إحياء الدين، الأمر الذي يختلف عن ظرف الإمام الحسن (عليه السلام) الذي كان له أن ينتج موضوعيا آثارا مختلفة تماما فيما لو حل به وبذرية النبي (صلى الله عليه وآله) كالذي حل بالحسين (عليه السلام). أما حرب أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان بعد توفر الناصر لضرب خط النفاق التحريفي، أما حين حصل الانقلاب عليه بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فلقد قاوم بالاحتجاج والموعظة، ولم يلجأ إلى القوة لعدم توفر الناصر، وباعتبار الظروف المحيطة التي اقتضت منه مرحليا أن يعطي الفرصة لترسيخ الحد الأدنى من الإسلام، لكي يصبح ممكنا في المستقبل تثبيت الصورة المتقدمة من الإيمان.
ولقد كان الأئمة (عليهم السلام) حريصين على الإسلام والمسلمين قبل أي شئ، وليس على أتباعهم فقط، لما يمثلونه من قيمومة صادرة عن الله، ورغم تكاثر الأتباع واتساع القاعدة الشعبية في عصور الأئمة (عليهم السلام) في العقود اللاحقة فإنهم لم ينفصلوا بجزء من الأمة لكي لا ينشأ معسكران في الإسلام يتناحران عسكريا، بل اختاروا لأنفسهم ولأتباعهم البقاء ضمن جسم الأمة، بالرغم من الملاحقة والقتل