الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٧
الناس [n 1] (1)، فهو عليه السلام يقوم بوظائفه التي تحتاج إلى هذا الوجود لا إلى الظهور، ومثالها الظاهر الشاهدية على الناس، كذلك درء التحريف والريب; فالإمام الذي له أعوانه وبطانته ويرقب مجريات الأمور، لا تعييه الوسيلة عن تسريب الوجه الصحيح من أي موضوع يصيبه التحريف حين لا يبقى من شاهد حق له.
على أن للإمام، ظاهرا كان أو مستترا، وظائف أخرى يحتاج إدراكها إلى عمق النظر في حقائق الخلق والوجود (2) ومنها أن وجود المعصوم يتصل بالغايات الكبرى للخلق، إذ يمثل الوجود البشري الذي يحقق الطاعة الخالصة لله اختياريا، علما أن العصمة ليست جبرية كما يدعي البعض، بل هي قضاء إلهي حكم به تعالى لعباده بما استحقوه من تحقيقهم لمقدماته الموجبة للعصمة في قضاء الله تعالى، ولو علمنا أن كل الخلق خاضع لله لكن جبريا، بينما خلق الله الإنس والجن ليعبدوه طوعا لا جبر فيه، فلهذه الجهة إن الإمام المعصوم يحقق هذا المعنى من الخلق، فلو

(١) عن أمير المؤمنين (ع): (حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وباح الناس بفقده، وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والإمامة باطلة... فورب علي - حتى إذا بقيت الأمة وتدلهت وأكثرت في قولهم إن الحجة هالكة والإمامة باطلة - فورب علي إن حجتها عليها قائمة، ماشية في طرقاتها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق الأرض وغربها، تسمع الكلام وتسلم على الجماعة، ترى ولا ترى إلى الوقت والوعد ونداء من السماء...) (بشارة الإسلام ص ٣٧، والغيبة للنعماني ص 72 و 73).
(2) ولقد ورد عن الإمام الصادق (ع) ما معناه أن وجه انتفاع الناس بالإمام في غيبته كانتفاعهم بالشمس إذا حجبتها الغيوم.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»