الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٢
المقاصد أو عدم استيعابها أو الانسجام معها، والتعامل مع الأمر كحالة سياسية لا كرسالة إلهية (1)، وهكذا لما استتب الأمر لمعاوية ونتيجة لحقيقة
(١) ومنها انصياع أبي بكر لنصيحة المغيرة بن شعبة حين قال له: " يا أبا بكر إن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذه الإمرة نصيبا يكون له ولعقبه، وتكون لكما الحجة على علي وبني هاشم إذا كان العباس معكم " (الإمامة والسياسة ص ١٥)، ومنها عمله باقتراح عمر كما روى الجوهري في كتاب السقيفة أن يترك لأبي سفيان ما بيده من الصدقات التي جمعها.
(شرح النهج، ابن أبي حديد: ج ١ ص ٣٠٦ - ٣٠٧) وأن يجعل لأبي سفيان مصلحة في خلافة أبي بكر بأن يولي ابنه يزيد قيادة جيش ويرسل معه معاوية كقائد من قواده وهو وأبوه من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم الذين لا يجوز جعل سبيل لهم على المؤمنين ويتلقى أبو سفيان تلك المنن ويقول عن أبي بكر وصلته رحم (تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٩ - ٢١٠، ونظام الحكم للقاسمي ص ١٥٢) وأنظر في المقابل موقف على (عليه السلام) من أبي سفيان حين جاء يقول: " والله إني لأرى عجاج لا يطفئها إلا الدم يا آل عبد مناف "، ثم قال: " يا أبا الحسن ابسط يدك لأبايعك ". فأبى ذلك وزجره وقال له:! تالله ما أردت بهذا إلا الفتنة. والله طالما بغيت الإسلام شرا لا حاجة لنا بنصيحتك " (تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٣) ومنه جرأتهم على الزهراء (عليها السلام) وقد هموا بإحراق بيتها وفيه أصحاب الكساء الأطهار، وحرمانهم لها من ميراثها بدعوى أن الأنبياء لا يورثون، بينما أعطوا الزوجات من ميراثه بعد ذلك (صحيح البخاري ج ٣ ص ٦٨)، وحرمانهم لها من فدك فرفضوا ادعاءها وشهادةأم سلمةوشهادة علي (ع)، رغم أن الزهراء وأبا الحسن عليهما السلام قد طهر هما الله بنص القرآن، ولم يجز النبي (ص) عليها كذبا من قوله:
" فاطمة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها " و " علي مع الحق والحق مع علي ". بينما قبلوا ادعاء جابر بن عبد الله (ر) دون شهود وأعطوه المال الذي ادعاه (البخاري ج 3 كتاب الشهادات). ومنه أيضا: حين دخل عمار بن ياسر على عثمان ليبلغه الكتاب الذي كتبه الصحابة يعرضون فيه مخالفاته في حكمه لسنة النبي (صلى الله عليه وآله) فضربه عثمان وبنوا أمية حتى فتقوا بطنه، وأغمي عليه فطرحوه على باب الدار، فغضبت له بنو المغيرة لأنه حليفهم، ولم يغضبوا له لسابقته ولا للقضية التي تواجه بها مع عثمان وأدت إلى ضربه، وقالوا لعثمان لئن مات عمار لنقتلن به رجلا عظيما من بني أمية.