غير جذريا في مسار الأمة، وفي حجم التغيرات الحضارية المعقودة على الرسالة الإلهية الخاتمة، لكنه مع ذلك لم يلغ حجة الإمام على الناس (1)، فهو ما دام حيا موجودا، فإنه بوجوده يمثل دعوة دائمة إلى الناس إلى اتباعه ليأمنوا من الضلال، ولا حجة لهم إن هم ضلوا بمخالفته، وهذا يسري على الإمام ظاهرا أو محتجبا (2) لأن حاله وهو محتجب مع العلم بوجوده، هي كتعطل وظائفه مع ظهوره، ولأن اتباعه في أي حال لا يقتضي رؤيته ولا المكث بقربه، بل يكون باتباع منهجه الذي يذيعه العدول من أصحابه، فما الغيبة إلا بمثابة تعطل بعض وظائفه نتيجة معصية الناس لله في شأنه، والأمر في هذا التعطل سيان في الغيبة والظهور، ومجرد وجوده وبمعزل عن مدى تمكنه من وظائفه، وبمعزل عن حجم ظهوره واحتجابه هو حجة في ذاته على الناس، ما دام أن وجوده وحقه عليهم يطرق أسماعهم، وأن منهجه متاح لهم ماثل أمامهم، وهم يعايشون أتباعه، بحيث لو أن أحدهم أخلص في استبيان الدليل لم يكن ليعدمه، ويبقى
(٣٩)