انحراف الأمة عن المرجعية الربانية، ولمحة سريعة عن موقف الأئمة (ع):
إن الأئمة (عليهم السلام) لم يمكنوا من القيام بكل وظائفهم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). والظاهر من هذه الوظائف: الولاية العامة على الأمة والمرجعية العليا للرسالة، وحفظها من البدع والتحريف، ودرء الريب، والشاهدية على الناس، ومواكبة تطور البشرية وحاجاتها بالرسالة الخاتمة بما حملها الله تعالى من خطط وبرنامج تقوم بحاجاتها إلى يوم الدين.
وحينما تعطلت بعض وظائف الأئمة بمعصية الأمة لهم، كوظيفة الحاكمية وأنكرت الأمة مرجعيتهم، فإنهم مارسوا المرجعية العليا للرسالة والولاية على من عرف حقيقتهم، فرسخوا الخط السليم الذي يمثل أصالة الرسالة.
ولم يكن من الحكمة أن يجبروا عموم المسلمين على الخضوع لمرجعيتهم بما أتاحه الله تعالى لهم من قوى غيبية، بل هذا يحتاج إلى هداية وقناعة وجهاد من المؤمنين لترسيخ الرسالة في مجتمعاتهم بكل معطياتها. وإن عدم توفر الناصر للإمام يعني عدم إحراز الأمة لاستحقاق هذه الهداية في تلك المرحلة، فلا معنى لفرض الحق بالقوى الغيبية حينئذ. ولم يكن حرب النبي (صلى الله عليه وآله) للمشركين إلا لأنهم مشركون وقد حاربوه واعتدوا على المسلمين، وكان ذلك بعد توفر الناصر الذي يدل على استعداد جسم الأمة لحمل الأمانة ولم نجده حارب مانعي الزكاة من المسلمين رغم قدرته عليه، فالأمر مع المسلمين بحاجة إلى أساليب أخرى، والله أعلم برسالته، ولم يكن الحسين (عليه السلام) طالبا للحكم حين قام على يزيد،