الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٦
وأقسى أشكال الاضطهاد، وكانت حركات المعارضة الطالبية التي تقوم تهدف إلى إسقاط الحكم الجائر لا إلى الانفصال ببعض الأمة جغرافيا، مع بقائه متاحا لو أرادوه، بل في الحالات النادرة التي استطاع من يدعي ولا يتهم أن يؤسس حكومة مستقلة في جانب من أرض الإسلام، ثابروا (عليهم السلام) على تمركزهم في الحجاز أو العراق بما يمثلانه من مركزية للأمة رغم التنكيل المستمر بهم، لأن وظيفتهم هي اتجاه كل المسلمين، بل كل الناس، وهذا كله من دلائل صدقهم وتوجهاتهم الربانية، التي تتجاوز آفاق الطموحات الدنيوية في السلطة والنفوذ، وثابروا مع ذلك على بث ما استحفظوا عليه من العلوم في الأمة بمجموعها، وبمقدار ما يتيحه العصر والظرف وقابلية الأمة، وثابروا على درء التحريف الريب ضمن الثقافة الإسلامية عامة، بإظهار الصواب في مقابل كل خطأ، ولولاهم (عليهم السلام) لو جدنا مزيدا من الانحراف عن الرسالة، ربما بلغ تمام الانحراف نتيجة خضوع العامة المطلق لحكام الجور، ومن الواضح أن درء التحريف لا يحتاج من الإمام إلى سلاح ولا سلطان ولا حتى إلى علنية وظهور، ما دام أن الإمام قائم يعاين ما يجري.
وتطورت الظروف إلى أن قضت حكمة الله تعالى في تغييب الإمام (عليه السلام) الذي وإن كان محتجبا عن أنظار الناس، لكنهم ليسوا بمحتجبين عنه، فهو موجود بينهم يعايشهم وله أعوانه الذين لا يعلمهم
(٣٦)
مفاتيح البحث: دولة العراق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»