الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٩
للدين الجديد حقنا لدمائها، وحداثة العهد بالإسلام التي جعلت خضوع الكثرة الأعم من المسلمين إلى سلطة النبي (صلى الله عليه وآله) خضوعا سياسيا يفتقر إلى نضج في الإيمان وفهم كاف للدين، وتأسس من هذا الرفض خط الخلافة من منطلق بشري، فكانت الخلافة مشروعا بشريا جاء ترجمة لذاتية مؤسسية، ثم لذاتية الذين تقلدوا مسؤولية الحاكمية على مر العصور، لجهة التطلعات والفهم والسلوك، ولم يكن ليصدر عن ولا ليحقق التكافؤ مع مسؤولية الرسالة ومقاصدها وخططها الربانية، المعانقة للزمان، فكان هدف الحكم هو الأبرز في هذا الخط البشري مع انكماش دور المرجعية الرسالية في بدايته ثم إهماله كليا في الأدوار اللاحقة، بل أصبحت الرسالة بحاجة إلى من يحميها من الخلفاء، لذلك انصدعت سريعا في سنوات معدودة، فامتدت الأيدي إلى السنة الشريفة وهي نصفها ومرآة الكتاب، فبدأ سحقها منذ حرق ما كان دون منها ومنذ أن منع من تداولها. مما فتح الباب لاحقا للدس والتحريف فيها، وبالتالي في فهم الكتاب وفي الدين كله، ولئن حاول رواد الخلافة ربطها بالإرادة الإلهية، من خلال الادعاء بأن شرعية الخليفة ومصدر سلطته ربانيان، استنادا إلى فهم معكوس لنص أولي الأمر، فإن هذا لا يغير من الواقع الذي يجعل الخليفة صادرا في الحقيقة عن الذي ولاه، سواء عن نفسه إن كان قد استولى على الحكم أو عن غيره إن كان غيره فردا أو جماعة قد ولوه، لذا كانت الذاتية البشرية ظاهرة في هذا الخط لجهة التطلعات والمقاصد والمنهاج، فوجدنا هدفه الحكم والسلطة، ووجدنا التبرير يعظم دور الخليفة في الحكم وإدارة الدولة لتحقيق استقرار الشأن الحياتي للناس، مع
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»