الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٤٥
على سبيل الحق لفعل منذ بداية الخلق، لكنه جل وعلا إنما يريد للناس أن يؤمنوا ويستقيموا على الحق طواعية، لذلك لم يستعمل النبي (صلى الله عليه وآله) ولا الأئمة المعصومون من بعده (عليهم السلام) ما آتاهم الله من القوى الغيبية الطابع ليمكنوا لأنفسهم وأتباعهم، بل كان كفاحهم من خلال المتاحات للبشر في ظروفهم الواقعية، ذلك ليحيي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
نعم قد أظهر تعالى للأنبياء معجزات وكرامات لا ليقهروا بها أعداءهم، ولكن لينبهوهم ويوقظوا قلوبهم، ومثله ما كان من معجزات وكرامات لنبينا (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته من بعده (عليهم السلام)، ضمن تلك الحدود التي لا تتعدى إلى إبادة الأعداء أو قهرهم بالقوى الغيبية، التي لا تنتج قناعة الإيمان; بل استسلام العاجز. وهكذا فقد أرجأ الله تعالى ظهور وليه روحي له الفداء إلى يوم يرى فيه المسلمون خاصة والشعوب عامة بوار ما ابتدعوه من المبادئ والمذاهب، ويقعون في منتهى البوار نتيجة ما قد ظلموا واعتدوا وتمادوا، فيعلمون أن لا خلاص إلا بالخط الإلهي المتمثل بالمرجعية الربانية في الإمام المهدي الموعود سلام الله عليه، فيلقون المعاذير ويطلبونه. فإذا قام عندئذ وقضى على قرون العناد والإلحاد والنفاق، فيكون هذا القضاء لتخليص جموع المستضعفين من الخلائق الذين ينتظرون الحق ليتبعوه، فيقيم دولة الحق الإلهي ويتم الله به نوره ويبسط سلطان الحق على الأرض ذلك الهدف الكبير من الرسالة الإلهية الذي وعدنا تعالى به * (... ليتم نوره...) * * (ليظهره على الدين
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»