الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٣
الذي هو بيضة القبان متواتر لدى الفريقين، وأن دلالتها واضحة لا تحتمل تأويلا إلا من قبيل المماحكة والتعسف لإخراج النص عن دلالته، ورغم أنه بالمثل تعرضت نصوص الكتاب المتعلقة بالإمامة إلى التأولات، فبالرغم من كل ذلك، تبقى هذه النصوص المتفق على صحتها السند القوي الذي لا يجوز التنازل عنه، أو تجاهله تحت ضغط من إرادة الوحدة بين المسلمين أو غيره من الذرائع، علما أن هذا الهدف على مشروعيته لا يتحقق بالتجهيل بحقائق الكتاب والسنة، وتزوير التاريخ; بل له أساليبه الأخرى الحكيمة التي ليست مثل هذه التنازلات من شروطها، لذلك لم يكن من السهل القبول بمثل هذه التسريبات المضللة.
ومن الجدير بالذكر أن عقيدة الإمامة وفريضة الولاية العامة من خلال القرآن الكريم هي على حال تشبه فيه الكثير من القضايا الكبرى، فنجد أن ضرورة النبوات لم تحظ بحوارات تفصيلية كثيرة شبيهة بتلك التي تناولت التوحيد والبعث. ولعل مرد ذلك إلى أن صدق الأنبياء يحصل من صواب دعوتهم، وإلى أن ضرورة الرسالات الإلهية إلى البشر يرتبط بوجود الله وصفاته في الكمال والعدل وامتناع العبثية على خلقه للإنسان. لذلك كان تركيز الكتاب على ترسيخ القناعة بوجود الله وصفاته، وعلى عقيدة البعث. فيكون إحراز هذه القناعة المدخل إلى معرفة صواب الدعوة وصدق صاحبها. والإمامة التي لها ذات مبررات النبوة، والتي تقوم بوظائفها بعد النبوة الخاتمة، عدا الوحي، في هداية البشرية، هي مثلها تندرج في ذات الاعتبار.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»