الإخبارات، خاصة لجهة ما لحق السنة من محق والكتاب من اختلاف في المضمون، ولجهة الفتن والرزايا التي أصابت المسلمين، بل إن الحاجة بعد الرسالة الخاتمة أشد إلى استمرار المرجعية المسددة إلهيا، إذ لن يكون بعدها وحي ينزل على البشرية، ولقد جاءت نصوص الإمامة لتترجم هذا الواقع، ولتعبر عن ذلك المنطق السليم حين تربط بين المرجعية المنصبة ربانيا وبين ضمان الهداية ووقاية الأمة والدين من الانحراف والضلال، ومن تلك الآفات التي أخبر بها النبي (صلى الله عليه وآله) ورأيناها في الواقف المعاش، وعلى سبيل المثال فإن حديث الثقلين أوضح أن الوقاية من الضلالة والهلكة تكون باتباع الخط الإلهي الممثل بالثقلين الكتاب والعترة، ومثله حديث السفينة والنجوم والعدول من أهل بيتي، كما أن آية الولاية فرضت ولاية النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)، ووعدت الموالين بأن * (فإن حزب الله هم الغالبون) * وجائت بعد أن حذر تعالى المؤمنين في الآية التي سبقتها من الردة في إشارة واضحة إلى أن فريضة الولاية هذه ضرورة لاستمرار المؤمنين على الخط الإلهي. ومعظم نصوص الإمامة من القرآن والسنة تحمل ذات المضمون لتجعل الإمامة الربانية المصدر تمثل الامتداد المتوقع للخط الإلهي على الأرض المتصل منذ آدم عليه السلام إلى يوم الدين، لمواكبة أهداف وخطط الرسالة الخاتمة التي قد أكملت نصوصها مع انقطاع الوحي، لكن لم تكتمل مقاصدها وبرنامجها التي تتجاوز زمن ومكان النزول إلى كل المعمورة والأمم إلى يوم الدين، بل إنها حينئذ قد بدأت، ولذلك كان الرسول (صلى الله عليه وآله) مع نبوته إماما رباني التعيين، ولنا عودة إليه، وكان مثل ذلك بعده الأئمة
(٢٧)