الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٨
الاثنا عشر من أهل بيته (عليهم السلام) الذين هم بعده خلاصة الذرية الإبراهيمية التي اصطفى الله على العالمين وجعل فيها النبوة والكتاب. ولم يكن الإمام في مرجعيته صادرا عن ذاته يمثل نسبية علمه وذاتية فهمه ومقاصده، بل يصدر عن الله تعالى ممثلا المقاصد الإلهية والإرادة الربانية من الرسالة الخاتمة، التي بديمومة أصالتها يرتبط الهدف الأساس من الوحي في هداية البشرية بها إلى يوم البعث.
المرجعية الربانية في مقابل خط الخلافة البشري:
وعلى أنه لم يكن في الكتاب من نصوص أخرى حول مرجعية الرسالة والحاكمية العليا في الأمة، إلا تلك المتمحورة حول الإمامة المعصومة (1) مما يفسر لنا لماذا جاءت الاجتهادات حول الخلافة بعد استقرار الأمر على النحو المعلوم تاريخيا، لتعكس آراء ذاتية لتبرير الواقع الغالب لا سند لها من النصوص كما سنفصله في مكانه من هذا الكتاب.
فالأحداث التي واكبت أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وعقب وفاته (صلى الله عليه وآله) مباشرة، أدت تحت وطأة دوافع من اعتبارات سياسية ومصلحية وعصبيات وطموحات قرشية جاهلية إلى تراجع فئة من المسلمين عن هذا الخط، ففرضوا موقفهم على العامة، وساعدت عليه ظروف موضوعية في تركيبة المجتمع وعلاقاته القبلية وتوزع جماعته الجغرافي المترامي، وحركة النفاق التي اتسعت اشتدت باستسلام قريش

(1) راجع كتاب " نظام الحكم والإدارة " للعلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي قدم نقاشا فذا لهذا الموضوع.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»