الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٢٩
من ربط الأمة به، ويصون مسيرته وأهدافه، ويحول دون خصومه أو من لا يحملون قناعاته من الوصول إلى قمة السلطة لتقويضه من الداخل، هذا الموقف تفرضه طبائع البشر في تجانسها وتصارعها على الصعيد الفردي والمجتمعي. والأمر لا يخرج عن هذا حتى في النظم غير العقائدية والتي تقوم على حكم الأكثرية، ففي الدول الرأس مالية نجد أن هذه السلطة ولو لم تكن معلنة قد تركزت في يد التحالف الرأسمالي الذي من خلال سيطرته على المال والاقتصاد والإعلام، فإنه يتحكم بمسيرة المجتمع، ليضمن استمرار نظامه وخدمة مصالحه، وما الأحزاب الكبرى مثل الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية التي تدعي أنها أم الديمقراطية وحاميتها، على سبيل المثال، إلا واجهات سياسية للقوى الرأسمالية، وفضلا عما يمارسه الإعلام الواقع تحت سيطرة أموالها، من غسيل أدمعة، فإن حرية الاقتراع تبقى حرية نسبية ظاهرية تدور في فلك تلك القوى، فكل حزب ينتخب مرشحه إلى الرئاسة، ثم يقدم مرشحو الأحزاب للناس لينتخبوا منهم، لذا فحرية الناخبين محدودة بخيارات الأحزاب، بينما كل مرشح يعبر عن إرادة كوادره التي تمثل في الواقع المصالح الرأسمالية الممولة لها، وليس مصالح الناس. وهكذا حتى النظم القائمة على حكم الأكثرية العددية، قد وجدت لنفسها آلية ضابطة عليا، وتكونت فيها بحكم الضرورة جهة ثابتة تمثل مضمون النظام وأهدافه، تمارس الرقابة وتضمن استمرار النظام، وليس بدعا من البدع ما يكون في حالة الإسلام الذي يمثل مجتمعا عقائديا صاحب رسالة، والفارق هو في التطلعات والأهداف والنظافة الوسائل.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»