رشدهم وعودة الأمور إلى نصابها كما حدث في صلح الحديبية، أو عدم الحؤول دون تحقيق المراد كما حصل في أحد وتبوك، حيث تخلف العدد الكبير من الصحابة، فلم يمنع خروج الجيش في مهمته.
هذه الحادثة تمثل إصرارا على إسقاط قدسية أوامر النبي (ص)، وتمردا خطيرا، ينبئ أن زمام الأمر قد أخرج من يده، وأن سير الأحداث بدأ بالخروج عن الخط الذي أمر به النبي (ص) في شأن الإمامة بعده. وإن الذي حدث في " رزية يوم الخميس "، مرتبط ارتباطا وثيقا بهذا الأمر. فبينما كان القوم ما زالوا متلبسين بهذا الإثم، إذا بهم يقعون في إثم جماعي أشد وأدهى والنبي (ص) على فراش الموت. حين قالوا إن نبيكم ليجهر، حين طلب إليهم أن يحضروا له كتفا وقلما ليكتب لهم عهدا لن يضلوا به بعده أبدا، وذلك ليحولوا بينه وبين ذلك، فاختلف القوم بين مؤيد لهذا القول وبين من يقول قدموا له يكتب لكم، ولما كثر الاختلاف قال لهم بما معناه: " قوموا عني، فوالله الذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وقال أوصيكم بثلاث: جهزوا الوفد على نحو ما كنت أجهزه، وأخرجوا المشركين من جزيرة العرب. أما الثالثة فيقول الناقلون للحادثة " ونسيت الثالثة ". وهذا يشير إلى أن الثالثة هي الموضوع الذي حدا بالقوم إلى التمرد بهذا العنف الذي جعلهم يسقطون قدسية الرسول (ص) ويتهمونه بالهجر، على ما يحمل ذلك من مترتبات خطيرة، فلو صح أن يهجر الآن لأمكن أن يكون قد هجر قبله، ولا يخفى على ذي لب ماذا يحمل ذلك من الطعن بكل قول وفعل للنبي (ص)، أي في