الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٣٤
استند إلها الصحابة لرد هؤلاء الفقهاء أحكامهم إليها كما ردها الصحابة أنفسهم، ولما لم يكن ذلك، دل على أنه لا نصوص من هذا القبيل لتبرير عمل الصحابة، ولا الاجتهاد المرتكز عليه، لأن المبدأ الذي لا جدال فيه هو أن الشريعة هي مقياس العمل، وليس من حق الصحابة أن يشرعوا في دين الله.
وما لا يمكن إنكاره أن لو كان ما يدعيه هؤلاء القوم صحيحا، من أن الشريعة قد أهملت شأن الإمامة، لبات ما فعله الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) يعني أنهم قاموا بتدارك النقص الذي وقع فيه الدين الإلهي الكامل، وسد الثغرة الخطيرة التي غفل عنها الشارع الأقدس ذو العزة والكمال، تنزه عن ذلك، فهل كان الصحابة أكثر وعيا لحاجة الرسالة والأمة من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)؟ لا أطن أن أحدا يقبل بهذا الاعتبار مع كل الظروف الموضوعية التي عاشتها الرسالة وواكبت أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، التي كانت تفرض على أي عاقل عدم إهمال هذا الشأن المفصلي في مستقبل الرسالة والأمة؟.
ومهما يكن من الأمر، فإن البناء على صحة عمل الصحابة ينطلق من حسن الظن بهم، ومن افتراض عدالتهم جميعا، وهو المرتكز لدى أصحاب الاجتهاد في الإمامة، ولكن لعلمهم بأن صحة العمل لا بد لها من مرتكز في النصوص، فقد حاولوا إيجاد الأسانيد الشرعية لهذا الاعتبار من عدالة الصحابة جميعا.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»