سنته، فقولهم: إن نبيكم ليهجر، عندنا كتاب الله، حسبنا كتاب الله. هو إعلان عن تخلي هذا الشطر من الصحابة عن أوامر النبي (ص) للأمة بلزوم الكتاب والعترة معا لكي لا يضلوا، ورفض ليس للعترة فحسب، ولكن للسنة أيضا، لأن منزلة العترة وموقعيتها في الإمامة يشكل واحدا من أكبر اهتماماتها وشطرا كبيرا من مضمونها. ومن الواضح أن هذا إسقاط لقدسية النبي (ص) وإرادته وأوامره، وإعلان تمرد عليه، وهو ما زال حاضرا، ومن باب أولى تمرد على وصيه (ع) الذي يمثل الامتداد لإرادته، وكل ذلك تحت ستار شرعية مموهة بحجة الاكتفاء بكتاب الله.
ومن المعاصي الجماعية انحياز القوم مع العصبية القبلية ولو كان في مقابل النبي (صلى الله عليه وآله) ولقد أوردنا قبل قليل نماذج عن أثر العصبية القبلية على السلوك وأوردنا قصة سعد بن عبادة الذي حمى المنافق الذي من قومه وكيف تحزب له قومه. وعلى عظم الخطورة في هذه الحادثة أدهى ما فيها أن العصبية الجاهلية غلبت عليهم حتى في مواجهة النبي (صلى الله عليه وآله) وكرامته الشخصية في أهله.
إن ما أوردناه ما هو إلا نماذج من أحداث كانت من سلوك الصحابة جماعة وأفرادا، ولها نظائر كثيرة لا يستوعبها المقام، وهي تدل موضوعيا على أن مجتمع الصحابة لم يبلغ مستوى كاف من النضج، خلافا لما يدعي البعض، لجهة استيعاب مضمون الرسالة أخلاقا وتعاليما وأبعادا، ولجهة التماهي به، وأن هذا المجتمع لم يكن منيعا على الزلل، إن على مستوى الأفراد أو الجماعة تحت عوامل ضاغطة من الخوف أو بلبلة