الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٢٧
سياسة وقوى عسكرية يخشى منها على الدولة الجديدة، ولما لاختراق هذه الكيانات من خطر خفي عن الأنظار، وهو تعرض صفاء الرسالة إلى الشوائب حين تدخل إلى هذه الشعوب، نتيجة ما قد يعلق بها من رواسب ثقافاتها وعقائدها.
وهكذا فإن الظروف الموضوعية للرسالة والظروف الموضوعية للأمة تجعل الحاجة على أشدها إلى مرجعية تمثل الرسالة ومضمونها وأهدافها الربانية أصدق تمثيل، يكون لها القيمومة على الرسالة والحاكمية القائدة للأمة في خطواتها التالية لوفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، الأمر الذي لا يسمح في أي احتمال عاقل أن تهمل الرسالة من شريعتها شأن الإمامة في المحل الأول، ولا أن توقفها على إرادة الأمة في المحل الثاني خلافا لما هو مقتضى الادعاء بأن أولي الأمر الذين فرض النص ولايتهم لم يشخصهم الله ورسوله للأمة، وأنهم مطلق ولي يتولى، ذلك لأن لمرجعية الأمة وحاكميتها العليا الأثر الحاسم على الرسالة والأمة ومستقبلهما، لا سيما إذا أضفنا إلى ما سبق حقيقة أن هذه الأمة لا سابق عهد لها بدولة، ولا بشأن حكم وحاكمية، ولم تسمح لها ظروفها السابقة في حالتها البدوية أن تطلع كفاية على ما عاصرها من مدنيات، لذلك فإن أي عاقل لا يقبل تحت أي عذر أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) وهو الذي كان عالما بدنو أجله، وعالما بالظروف الموضوعية لأمته التي هو على وشك مفارقتها، أن يكون قد أهمل هذه الحقائق وانتقل إلى الملأ الأعلى دون أن يوفر القيادة العليا، التي تمثل
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»