الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٢٦
الأفكار، أو تأثير العصبيات الجاهلية والولاءات القبلية والمصالح، وحتى لو كان الزلل بمستوى تهديد الرسالة. وهذا وحده كاف لتوضيح خطأ الزعم بحجية عمل الصحابة، ناهيك عن كثير من الأدلة الأخرى في السنة والكتاب لا مجال لاستقصائها في هذا المقام، بل هدفنا كان الحد الأدنى من توضيح المراد في علاقته ببحثنا.
ومما لا مرية فيه أن الانقلاب السريع الذي عم الجزيرة بانتشار الإسلام، وقلب المفاهيم السائدة رأسا على عقب، ولم يتح له الوقت ليتجذر في عقول ووجدان الأمة وواقعها الحياتي وعلاقاتها الاجتماعية، كان من الطبيعي أن يستدعي ويستدرج انقلابا مضادا، ومع هذا فإن كل العناصر المواتية له موفورة، تتجلى فيما قدمنا من وصف للعناصر البارزة في الواقع الذي صاحب أواخر حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) وفي أنماط السلوك لدى مجتمع الصحابة على مستوى الفرد والجماعة، مما يبقي الباب مفتوحا أمام استغلال الولاءات القبلية المتجذرة في وجه الولاء للدين الجديد الذي ما زال بحاجة إلى تجذير.
أضف إليه أن الرسالة التي لم تكمل بعد أهدافها داخليا بتجذيرها في مجتمعها حديث التكوين، كانت في البدايات من احتكاكها بالأمم المجاورة، ولم تكمل بعد أهدافها على الصعيد الأممي بحملها إلى كل الشعوب لتظهر على الدين كله ولو كره المشركون، وفي المهمة خطر لا يقل عن الخطر الذي تبدو ملامحه من الداخل، لما لتلك الشعوب من حضارات متجذرة على مئات السنين في مجتمعاتها، ولما لها من كيانات
(١٢٦)
مفاتيح البحث: حياة النبي (1)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»