الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٣٠
إن طبيعة الإسلام لجهة بنيته العقائدية والأخلاقية والتشريعية، وحقيقة كونه رسالة سماوية لا نظاما وضيعا بشريا، وأن أهدافه تتمحور حول هداية البشرية وصونها من الانحراف والضلال، ودوره العالمي والضرورة الملازمة له في استمرارية الدعوة إلى الناس بما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) لكل الأجيال والأمم إلى يوم الدين، ونهجه في التحرر من كل عبودية وظلم، يجعله حيثما وأينما كان مستهدفا من أصحاب الترعات التسلطية، والقيم المادية في داخل مجتمعه، ومن طواغيت الكفر والمال والمادية على الصعيد الأممي، لما يشكل من تناقض جذري معها، وخطر على مصالحها ووجودها، هذا كله يجعل موقع الإمامة الممسكة بزمام القرار فيه، بما لها من أثر بالغ على سلامة الرسالة وتوجهاتها وعلاقة الأمم بها كقطب الرحى، يتوقف عليها مسيرة الرسالة وصيانة أصالتها، ودرء التحريف عنها على مر العصور، وخلال عملية اختراق أنواع الحضارات والثقافات، والتداول بين مختلف الشعوب واللغات، فالإسلام هكذا يكون أكثر من أي نظام آخر على الإطلاق، لحكم طبيعته وطبيعة أهدافه، يقضي بأن يلحظ الشارع الأقدس في بنيته نظاما للقيادة العليا، لا ينتج إلا الإمامة التي قد مخضت الرسالة مخضا، ولا يتيح في أي حال إنتاج إمامة لا أهلية لها، أو لا تنسجم مع تطلعاته ومضامينه، أو إمامة معادية له، الأمر الذي يحرف المسيرة ويجهضها، ويلغي مبررات الرسالة والوحي الإلهيين في الهداية بالرسالة، فالحاجة في الإسلام على أشدها إلى أن تشخص لأتباعها الجهة التي تتجسسد فيها تطلعاتها، فتكون لها الولاية على الأمة والرسالة، لما لوظيفتها من الخطورة
(١٣٠)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»