الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٣١
البالغة على النحو السابق الذكر، مما يجعل الافتراض بأن الله تعالى الذي أنزل هذه الرسالة الأخيرة لتعم البشرية، قد أهمل من شريعتها شأن الإمامة والحاكمية العليا، افتراضا بعيدا عن الواقع، ولا ينسجم مع حقائق الرسالة ولا مع الضرورات التي تفرضها ظروفها الموضوعية، لا سيما تلك التي واكبت أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وعند وفاته، إن من داخل المجتمع أو من خارجه، فلا يمكن في أي احتمال عاقل أن يهمل تعالى هذا الشأن، ومن يقبل بمثل هذا الاحتمال في حق الإسلام كمن يشكك بمصداقية مصدره الإلهي والعياذ بالله.
5 - بطلان دعوى الاجتهاد في الإمامة:
أ - بناء الاجتهاد على عمل الصحابة لا على النص.
بيد أن الدعوى بأن الإمامة أمر متروك للاجتهاد التي أقامها الذين لم يلتزموا بالولاية لأهل البيت (ع)، لم يكن مبناها أن الله تعالى قد أمر بالاجتهاد فيها استنادا إلى نص يأمر بذلك، بل أن الله قد أهملها، مما جعل الاجتهاد فيها ضرورة، الأمر الذي ظهر بطلانه جليا حتى الآن فيما سبق من أبحاث، غير أنه لمزيد من إظهار بطلان الادعاء سنبين فيما يلي من سطور باختصار كيف أن الاجتهاد لم يستند إلى أصول واضحة في الكتاب والسنة، بل عكس آراء ذاتية عن الإمامة بررت الواقع الذي استقرت عليه حال الخلافة بعد الصدود عن الأئمة الشرعيين من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وإذ عجز الاجتهاد عن بلورة صيغة متميزة
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»