الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٢٨
مضمون رسالته، أصدق تمثيل، لقيادة الأمة والدولة التي أسس، والنظام الذي بدأ بإرسائه وليتابع الأهداف الربانية التي يريدها الله تعالى من هذه الرسالة الخاتمة، بما تحمل من برنامج آني ومستقبلي لكل الأمم والأجيال.
والاحتمال المضاد يومئ إلى تقصير وإهمال من صاحب الرسالة (ص) وهو قد جل عن ذلك، رغم علمنا بشدة حرصه على أن لا يترك جماعة مهما صغرت في مهمة يريدها إلا ويجعل عليهم آمرا، وما كان يغادر المدينة إلا ويستخلف عليها، مما ينافي ما علم عنه وعن حكمته وشدة عنايته بموضوع القيادة للجماعة، وقبولنا بمثل هذا الأمر من التقصير لو كان حقا يخدش بمصداقية المصدر الرباني للرسالة، إذ يلزم منه أن يكون الأجل قد داهم صاحب الرسالة على حين غرة وقبل أن يعطي الاهتمام لهذا الأمر، وهذا بمثابة الشك بمصدره الإلهي والعياذ بالله من كل جهل، إذ لا شك لكل مراقب بصير، أن هذا الظرف بالذات الذي غادر النبي (ص) فيه الأمة، كان ظرف الرسالة والأمة الأكثر إلحاحا على الحاجة إليه ليستكمل التأسيس، ومغادرته الأمة وشأن الرسالة دون أن يستخلف عليها المرجعية الموازية التي تمثل المضمون والتطلعات أصدق تمثيل، يجعل الأمر مع هذا الاحتمال يبدو وكأن المنية قد عاجلته قبل أن يتدارك الأمر، وكأن الله تعالى قد بتر رسالته وحاشا لله.
4 - الحاكمية العليا تمثل مضمون النظام:
ومما لا مرية فيه أن كل نظام عقائدي يؤطر شأن القيادة العالية لمجتمعه على نحو ينتج ولاية تمثل أعلى درجات الولاء للنظام، لكي يمتن
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»