فلو فسر الإله في الآية بالمعبود لزم الكذب، إذ المفروض تعدد المعبود في المجتمع البشري، ولأجل دفع هذا ربما يقيد الإله هنا بلفظ " الحق " أي المعبود الحق إله واحد. ولو فسرناه بالمعنى البسيط الذي له آثار في الكون من التدبير والتصرف، وإيصال النفع، ودفع الضر على نحو الاستقلال لصح حصر الإله - بهذا المعنى - في واحد بلا حاجة إلى تقدير كلمة بيانية محذوفة إذ من المعلوم أنه لا إله في الحياة الإنسانية والمجتمع البشري يتصف بهذه الصفات التي ذكرناها إلا الله سبحانه.
ولا نريد أن نقول: إن لفظ " الإله " بمعنى الخالق المدبر المحيي المميت الشفيع الغافر، إذ لا يتبادر من لفظ " الإله " إلا المعنى البسيط. بل هذه الصفات عناوين تشير إلى المعنى الذي وضع له لفظ الإله. ومعلوم أن كون هذه الصفات عناوين مشيرة إلى ذلك المعنى البسيط، غير كونها معنى موضوعا له اللفظ المذكور كما أن كونه تعالى ذو سلطة على العالم كله أو سلطة مستقلة غير معتمدة على غيره، وصف نشير به إلى المعنى البسيط الذي نتلقاه من لفظ " الله "، لا أنه نفس معناه.
إلى هنا - أيها القارئ الكريم - قد وقفت على معنى الإله، والألوهية، وإنه ليس الإله بمعنى المعبود بل المراد منه نفس المراد من لفظة " الله " لا غير، إلا أن أحدهما علم، والآخر كلي.
نعم ربما يفسر الإله بمعنى المعبود ولكنه تفسير باللازم فإن من اتخذ أحدا إلها لنفسه فإنه يعبده قهرا ويفزع إليه عند الشدائد، وتسكن نفسه عند ذكره إلى غير ذلك من اللوازم والآثار للإله وهذا لا يسوغ لنا أن نفسر الملزوم بكل لازم له.
إلى هنا خرجنا بالنتيجة التالية:
إن اللفظين واحد مبدءا ومعنى، وإن المفهوم من لفظ " إله " هو المفهوم من لفظ الجلالة ولا فرق بينهما سوى في الجزئية والكلية.