بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأول فلا شئ قبله، والآخر فلا شئ بعده، الظاهر فلا شئ فوقه، والباطن فلا شئ دونه، وهو القائل عز اسمه وعلا سلطانه * (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم) * والصلاة والسلام على أشرف خليقته، وخاتم رسله وأنبيائه محمد أمين وحيه ورسالاته، وعلى آله الذين هم موضع سره، وعيبة علمه، وموئل حكمه صلاة طيبة، لا يحصيها العادون.
أما بعد: فإن الله سبحانه بعث رسوله الخاتم لإنجاز عدته، وإتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته، كريما ميلاده، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، وأهواء منتشرة، وطرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم من الضلالة، وأنقذهم من الجهالة. (1) بعثه سبحانه بمعجزته الخالدة، فيها هدى ونور، وشفاء لما في الصدور، ولمتزل تشع نورا ورحمة، وسيبا وعطاء لمن أنس بها ودرسها، وخالطت جسمه وروحه وقلبه ودمه.
إن القرآن المجيد هو المعجزة الباقية عبر القرون إلى يوم القيامة، مشتملة على معارف وحقائق لم تكن في زبر الأولين، ولم تتجاوز عنها عباقرة المتأخرين،