الأسماء الثلاثة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠
فإن لفظة الرب في هذه الآية ليست بمعنى " الخالق " وذلك على غرار ما قلناه في الآية المتقدمة المشابهة لما نحن فيه، إذ لو كان الرب بمعنى الخالق لما كان لذكر جملة * (الذي خلقكم) * وجه، بخلاف ما إذا قلنا بأن الرب يعني المدبر فتكون جملة: * (الذي خلقكم) * علة للتوحيد في الربوبية إذ يكون المعنى حينئذ هو: إن الذي خلقكم، هو مدبركم.
ج: * (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ) * (الأنعام / 164).
وهذه الآية حاكية عن أن مشركي عصر الرسالة كانوا على خلاف مع الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الربوبية على نحو من الأنحاء وإن النبي الأعظم كان مكلفا بأن يفند رأيهم ويبطل عقيدتهم ولا يتخذ غير الله ربا على خلاف ما كانوا عليه. ومن المحتم أن خلاف النبي مع المشركين لم يكن حول مسألة " التوحيد في الخالقية " بدليل أن الآيات السابقة تشهد من غير إبهام بأنهم كانوا يعترفون بأنه لا خالق سوى الله تعالى، ولذلك فلا مناص من الإذعان بأن الخلاف المذكور كان في غير مسألة الخالقية، وليس هو إلا مسألة تدبير الكون، بعضه أو كله.
د: * (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * (الأعراف / 172).
فقد أخذ الله في هذه الآية - من جميع البشر - الإقرار بالتوحيد الربوبي و كانت علة ذلك هي ما ذكره من أنه سيحتج على عباده بهذا الميثاق يوم القيامة كما يقول:
* (أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) * (الأعراف / 173).
إذا تبين هذا فنقول: إن نزول هذه الآية في بيئة مشركة، دليل - ولا شك - على وجود فريق معتد به في تلك البيئة كانوا يخالفون هذا الميثاق، فإذا كانت
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الأول الإله في اللغة والقرآن الكريم 7
2 هل الإله بمعنى المعبود؟ 7
3 الإله في اللغة 7
4 مفهوم الإله في القرآن 12
5 الرب في اللغة والذكر الحكيم 15
6 التوحيد في الربوبية غير التوحيد في الخالقية 18
7 نتيجة هذا البحث: 25
8 خاتمة المطاف 26
9 الأولى: التوحيد في الذات 26
10 الثانية: التوحيد في الخالقية 27
11 الثالثة: التوحيد في الربوبية والتدبير 28
12 الرابعة: التوحيد في التشريع والتقنين 29
13 الخامسة: التوحيد في الطاعة 30
14 السادسة: التوحيد في الحاكمية 30
15 السابعة: التوحيد في العبادة 32
16 في تحديد مفهوم العبادة 33
17 العبادة في المعاجم والتفاسير 35
18 ليست العبادة نفس الخضوع أو نهايته 38
19 توجيه غير سديد 40
20 1 - نظرية صاحب المنار في تفسير العبادة 41
21 ويلاحظ على هذا التعريف: 41
22 2 - نظرية الشيخ شلتوت، زعيم الأزهر 42
23 3 - تعريف ابن تيمية 42
24 التعريف الصحيح: 43
25 العبادة هي الخضوع للشئ بما هو إله 43
26 أو: العبادة هي الخضوع للشئ بما هو رب 43
27 1 - الفعل أو القول المنبئ عن الخضوع والتذلل 44
28 2 - العقيدة الخاصة التي تدفعه إلى عبادة المخضوع له 44
29 عقيدة المشركين في آلهتهم 45
30 حكم التاريخ في عقيدة المشركين 45
31 قضاء الكتاب في عقيدة المشركين 48
32 التعريف المنطقي لمفهوم العبادة 52
33 الأول: التمعن في عبادة الموحدين والمشركين 53
34 الثانية: الإمعان في الآيات الداعية إلى عبادة الله، الناهية 55
35 عن عبادة الغير 55
36 التعاريف الثلاثة للعبادة 58
37 ثمرات البحث 59
38 1 - التوسل بالأنبياء والأولياء في قضاء الحوائج 59
39 2 - طلب الشفاعة من الصالحين 60
40 3 - التعظيم لأولياء الله وقبورهم وتخليد ذكرياتهم 61
41 4 - الاستعانة بالأولياء: 62
42 أسئلة وأجوبة 63
43 السؤال الأول 63
44 الجواب 63
45 1 - الشيخ جعفر كاشف الغطا (1156 - 1228) 63
46 2 - البلاغي النجفي (1284 - 1352 ه‍) 65
47 3 - القضاعي العزامي الشافعي (1284 - 1358 ه‍) 66
48 4 - فقيه العصر السيد الخوئي (1317 - 1412 ه‍) 70
49 ما هو المراد من العبادة في هذه الآيات؟ 72
50 الجواب 72
51 ما هو حكم إطاعة غير الله والخضوع له؟ 74
52 وأما الخضوع للغير فهو على أقسام: 75
53 دواعي العبادة لله سبحانه 77
54 1 و 2 - الطمع في إنعامه والخوف من عقابه 77
55 3 - كونه سبحانه أهلا للعبادة 78
56 خاتمة المطاف 79
57 الفوضى في التطبيق بين الإمام والمأموم 79
58 غيري جنى وأنا المعاقب فيكم 84
59 تصور خاطئ: 84
60 في حصر الاستعانة في الله 86
61 حصيلة البحث: 88
62 إجابة على سؤال 92
63 الجواب: 93