وهكذا يتحول الحر ببركة عفو سيده الحسين عليه السلام إلى صف الإيمان والحق والجهاد والشهادة، ويعلو صوته بدعوة أهل الكوفة إلى المعروف، ونهيهم عن منكرهم وضلالهم في قتالهم لسيد شباب أهل الجنة.
وبعد شهادة حبيب بن مظاهر رضوان الله عليه خرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحمي ظهره، فكان إذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر واستنقذه، ففعلا ساعة (1). وإن فرس الحر لمضروب على أذنيه وحاجبيه، والدماء تسيل منه، وهو يتمثل بقول عنترة:
ما زلت أرميهم بثغرة نحره * ولبانه، حتى تسربل بالدم فقال الحصين ليزيد بن سفيان: هذا الحر الذي كنت تتمنى قتله، قال:
نعم، وخرج إليه يطلب المبارزة، فما أسرع أن قتله الحر، ثم رمى أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر فعقره، وشب به الفرس فوثب عنه كأنه ليث (2)، وبيده السيف وجعل يقاتل راجلا حتى قتل نيفا وأربعين (3). ثم شدت عليه الرجالة فصرعته، وحمله أصحاب الحسين (عليه السلام) ووضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون دونه، وهكذا يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط، والحسين يقول: قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين (4). ثم التفت عليه السلام إلى الحر - وكان به رمق - فقال له - وهو يمسح الدم عنه -: أنت الحر كما سمتك أمك، وأنت الحر في الدنيا والآخرة. ورثاه رجل من أصحاب الحسين، وقيل: علي بن الحسين (5)، وقيل: إنها من إنشاء الحسين