الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٧٧
وقوله: بالعفو تنزل الرحمة (1).
والإمام الحسين عليه السلام هو الملبي لنداء الله تعالى في كل دعوة إلى خلق فاضل حميد، وهو أتقى الناس وأولى منهم بالفضائل.. ومنها العفو، وهو العزيز النفس والجانب بالعفو عن المخطئين وغير ذلك من مكارم الأخلاق، حتى عفا عمن ظلمه، وأعطى من حرمه، ووصل من قطعه، وعاد من لم يعده، وقد أقال عثرات الناس جزاء على مروءاتهم، ورحمة بحالهم، وتجاوز بعصمته المقدسة عن ذنوبهم ومعاصيهم. وكان قادرا أن يعاقب فعفا، كجده المصطفى صلى الله عليه وآله، حين قال لأهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء، من بعد ما آذوه أشد الإيذاء. وصدر عفوه عن مقدرة فكان أحسن العافين، وهو القائل عليه السلام: إن أعفى الناس من عفا عند قدرته (2).
روى ابن الصباغ المالكي: جنى بعض أقاربه جناية توجب التأديب، فأمر بتأديبه، فقال: يا مولاي! قال الله تعالى * (والكاظمين الغيظ) *، قال عليه السلام: خلوا عنه، فقد كظمت غيظي، فقال: * (والعافين عن الناس) *، قال عليه السلام: قد عفوت عنك، فقال: * (والله يحب المحسنين) *، قال: أنت حر لوجه الله تعالى. وأجازه بجائزة سنية) (3).
وفي رواية الإربلي في كشف الغمة (4): قال عليه السلام: أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك.
فكان عفو الحسين سلام الله عليه:
أولا: مكافئة هنيئة على ذلك الغلام، لأنه استعان بالقرآن

١ - غرر الحكم.
٢ - الدرة الباهرة: ٢٤.
٣ - الفصول المهمة: ١٥٩. وسيلة المآل، لابن كثير الحضرمي: ١٨٣. والآية في سورة آل عمران: ٣٤.
٤ - ص: ١٨٤.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست