الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٤٨
فأبى إباء الأسد مختارا * على الذل المنية (1) وأجاد الأستاذ أحمد حسن لطفي في كلمته: إن الموت الذي كان ينشده (الحسين عليه السلام) فيها كان يمثل في نظره مثلا أروع من كل مثل الحياة، لأنه الطريق إلى الله الذي منه المبتدأ، وإليه المنتهى، لأنه السبيل إلى الانتصار وإلى الخلود. فأعظم بطل ينتصر بالموت على الموت (2).
الخصيصة الرابعة:
إن من مقامات الصبر: الرضى بالمقدر، والرضى بقضاء الله تبارك وتعالى، وهذه هي درجة الزاهدين.. جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن رضي اصطفاه (3).
ومن مقامات الصبر صبر الصديقين، الذين يحبون ما يصنع به مولاهم، يرضون، ويبتهجون، ويتلذذون بورود المكروه من الله سبحانه، ويعتبرون ذلك التفاتا من المحبوب: وكل ما يفعله المحبوب محبوب.
نزل الإمام الحسين صلوات الله عليه في منزل شقوق في مسيره إلى كربلاء، فأتاه رجل من العراق فسأله، فأخبره بحاله، ثم قال عليه السلام: إن الأمر لله يفعل ما يشاء، وربنا تبارك كل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء فالحمد لله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر.. ثم أنشد:
فإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فدار ثواب الله أعلا وأنبل (4)

١ - نفسه: ٣٥٣، والأبيات للشيخ حسن قفطان النجفي.
٢ - الشهيد الخالد الحسين بن علي: ٤٧.
٣ - مسكن الفؤاد: ٨٠.
٤ - المناقب 4: 91. وتاريخ ابن عساكر: 64. ومقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي 1: 23.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست