الذي قالها في مكة على مسامع الملأ: كأني بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلا، فيملأن مني أكراشا جوفا، وأجربة سغبا. لا محيص عن يوم خط بالقلم (1).
ولم يقف الحسين سلام الله عليه يطلب الحياة من الغدرة يريد أن يؤجل بطلبه أجلا هو يعلمه، حاشاه وهو القائل لأم سلمة رضوان الله عليها: إني أعلم اليوم الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، وأعلم من يقتل من أهل بيتي وأصحابي، أتظنين أنك علمت ما لم أعلمه؟! وهل من الموت بد؟! فإن لم أذهب اليوم ذهبت غدا.
وقال لابن الزبير: لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم. وقال لعبد الله بن جعفر: إني رأيت رسول الله في المنام وأمرني بأمر أنا ماض له. وفي بطن العقبة قال لمن معه: ما أراني إلا مقتولا، فإني رأيت في المنام كلابا تنهشني، وأشدها علي كلب أبقع (2).
ويفسر هذا ما أورده المتقي الهندي في (كنز العمال) (3) عن محمد بن عمرو بن حسين قال: كنا مع الحسين عليه السلام بنهر كربلاء، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال: صدق الله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي. وكان شمر أبرص (4).
وقد أجاد في وصفه الشاعر المسيحي (پولس سلامة) في إحدى قصائد التي حواها ديوانه (عيد الغدير)، حيث قال:
أبرصا كان ثعلبي السمات * أصغر الوجه أحمر الشعرات