الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٣٩
ناتئ الصدغ، أعقف الأنف مسود * الثنايا مشوه القسمات صيغ من جبهة القرود، وألوان * الحرابي، وأعين الحيات منتن الريح لو تنفس في الأسحار * عاد الصباح للظلمات يستر الفجر أنفه ويولي * إن يصعد أنفاسه المنتنات ذلك المسخ.. لو تصدى لمرآة * لشاهت صحيفة المرآة رعب الأم حين مولده المشؤوم * والأم سحنة السعلاة ودعاه " ذو الجوشن " النذل شمرا * لم يشمر إلا عن الموبقات لم يحرك يدا لإتيان خير * فإذا هم هم بالسيئات (1) فالإمام الحسين عليه السلام حاشاه أن يرجو من هؤلاء خيرا، لكنه التكليف يستدعي أن يبلغ حتى يقطع على كل ذي عذر عذره.. فيعلم الجاهل، ويخبر الغائب، وينبه الغافل، ويضع الحجة البالغة، والمحجة الناصعة الدامغة أمام أعين الناس. وإلا فهو يعلم أنه مقتول، فلما أشار عليه عمرو بن لوذان بالانصراف عن الكوفة إلى أن ينظر ما يكون عليه حال الناس، قال عليه السلام: لن يخفى علي الرأي، ولكن لا يغلب على أمر الله، وإنهم لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي (2).
وهذا هو الصبر.. ولا ينافيه أن تسح عيناه الكريمتان بالدموع الغزيرة في مواقف عديدة، فالبكاء معبر عن حزن رحمة، وعن رقة قلب، وسخاء عاطفة. وقد عرف به الأنبياء والمرسلون صلوات الله عليهم.. يقول أحد الشعراء في أرجوزة له:
انظر إلى بكاء حضرة الصفي * آدم بعد مخدع وقد خفي

١ - ص ٢٨٧ و 288.
2 - مقتل الحسين عليه السلام، للمقرم: 65.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست