الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٣٥
ولكن منهم من يصبر طاعة لله جل وعلا وحبا ورضى وتسليما لأمره عز وجل، فلا يشكو ولا يضجر ولا يعترض.
والصبر درجات وأنواع، منه: صبر العوام على وجه التجلد، وهو لا ثواب عليه إذ لا يكون لله، ومنه: صبر الزهاد والعباد، لتوقع ثواب الآخرة، وخشية عقابها، ومنه: صبر العارفين، الذين يتلذذون بالمكروه لأنه من عند المحبوب (الله جل جلاله) إذ خصهم به دون الناس فصاروا ملحوظين بشرف نظرته سبحانه، وموعودين بطيب بشارته، * (وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * (1).
والإمام الحسين عليه السلام قد أخلص النية لله عز شأنه، وسلم له أمره، وصبر أي صبرا... حتى قال في زيارته حفيده الإمام المهدي عليه السلام:
وجاهدت في الله حق الجهاد، وكنت لله طائعا، ولجدك محمد صلى الله عليه وآله تابعا، ولقول أبيك سامعا، وإلى وصية أخيك مسارعا، ولعماد الدين رافعا، وللطغيان قامعا، وللطغاة مقارعا، وللأمة ناصحا، وفي غمرات الموت سابحا، وللفساق مكافحا، وبحجج الله قائما، وللإسلام والمسلمين راحما، وللحق ناصرا، وعند البلاء صابرا... (2).
فصبر الحسين سلام الله عليه كان جهدا وجهادا ومجاهدة، وكان معبرا عن الطاعة المطلقة الخالصة لله سبحانه وتعالى، وعن الشجاعة المذهلة. فالصبر مع أنه إمساك للنفس عن الجزع، هو ثبات على قدم الشجاعة.. قال الإمام علي عليه السلام في مجمل غرر حكمه، ودرر كلمه: الشجاعة، صبر

١ - سورة البقرة: ١٥٥ - 157.
2 - زيارة الناحية المقدسة.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 231 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست