الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٢٥
لك ذلك. وقصده القوم، واشتد القتال وقد اشتد به العطش (1)، قيل: وقصده القوم من كل جانب وافترقوا عليه أربع فرق من جهاته الأربع: فرقة بالسيوف - وهم القريبون منه، وفرقة بالرماح - وهم المحيطون به، وفرقة بالسهام والنبال - وهم الذين في أعالي التلال ورؤوس الهضاب، وفرقة بالحجارة - وهم رجالة العسكر.. ازدحم عليه العسكر، واستحرى القتال، وهو يقاتلهم ببأس شديد وشجاعة لا مثيل لها (2).
وحمل عليه السلام من نحو الفرات على عمرو بن الحجاج - وكان في أربعة آلاف - فكشفهم عن الماء، وأقحم الفرس الماء، فلما مد الحسين يده ليشرب ناداه رجل: أتلتذ بالماء وقد هتكت حرمك؟! فرمى الماء ولم يشرب، وقصد الخيمة (3).
وفي رواية الشيخ الدربندي رحمه الله: فنفض الماء من يده، وحمل عليه السلام على القوم فكشفهم، فإذا الخيمة سالمة.. إن الإمام عليه السلام كان سيد سادات أهل النفوس الأبية، والهمم العالية، فلما سمع أن المنافقين يذكرون اسم الحرم والعترة الطاهرة كف نفسه عن شرب الماء بمحض ذكرهم هذا، فقد سن روحي له الفداء لأصحاب الشيم الحميدة والغيرة سنة بيضاء، وطريقة واضحة في مراعاة الناموس والغيرة (4).
وهذه خصيصة شريفة أخرى من الخصائص الحسينية، حيث وقف عليها الشيخ التستري أعلا الله مقامه فقال:
ومنها: الغيرة: بالنسبة إلى النفس، وبالنسبة إلى الأهل والعيال. أما

١ - اللهوف: ٦٧.
2 - إبصار العين، للشيخ السماوي.
3 - مقتل العوالم، للشيخ عبد الله البحراني: 98، ونفس المهموم: 188.
4 - في كتابه (أسرار الشهادة): 411.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 221 222 223 224 225 226 227 228 229 231 ... » »»
الفهرست