الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٤٣
الثالث: أن لا يظن الهلاك، وهناك قد علم عليه السلام بأنه يقتل، فقال لأصحابه: أشهد أنكم تقتلون جميعا ولا ينجو أحد منكم إلا ولدي علي (أي السجاد زين العابدين عليه السلام). ثم إنهم (أي أعداؤه) قد خالفوا في السلوك معه أحكام السلوك التي جعل الله للكفار حين الجهاد، وهي كثيرة: منها: في الشهر الحرام، ولكن حيث قاتلوه فيه قاتلهم فيه، ومنها: أن لا يقتل فيه صبي ولا امرأة من الكفار، وقد قتلوا (أي أعداء الحسين عليه السلام) منه صبيانا، بل رضعانا، فرضيع حين أراد تقبيله، ورضيع حين أراد منهم سقيه، ومنها: أن لا يحرق زرعهم (أي من قبل الكفار) وقد حرق بعض خيامه عليه السلام حين حياته، وأرادوا حرقها مع من فيها، وحرقوها بعد قتله، ومنها: أن لا يهجموا دفعة... (1).
ثم يقول مضيفا: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له عليه السلام من ذلك قسم لم يكلف به غيره، فإنه كلف به مع العلم بالضرر، له كيفيات... (2).
كل هذه التكاليف، والمصاعب والأتعاب، والهموم والآلام، والمصائب والفجائع، والحسين عليه السلام صبر ولم يهن ولم يضعف، ولم يشك ولم يخفف على نفسه طاعة لله جل وعلا، فأي صبر ذاك!.
الخصيصة الثانية:
قد يصبر المرء ولكن على ذلة وهوان، أو يرى الصبر في السكوت والقعود، والتنحي عن ساحة الصراع المرير. وقد رأينا بعض الصحابة والتابعين

1 - نفسه: 30 و 31.
2 - نفسه: 33.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست