الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٤١
صلى الله عليه وآله على أبي سيف القين ثم دخل عليه بعد ذلك وإبراهيم عليه السلام يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله تبكي؟! فقال: يا ابن عوف! إنها رحمة. ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وآله: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
يقول الشهيد الثاني (زين الدين علي بن أحمد الجبعي العاملي) رضوان الله عليه: إعلم أن البكاء بمجرده غير مناف للصبر ولا للرضا بالقضاء، وإنما هو طبيعة بشرية، وجبلة إنسانية، ورحمة رحمية أو حبيبية، فلا حرج في إبرازها، ولا ضرر في اخراجها، ما لم تشتمل على أحوال تأذن بالسخط، وتنبئ عن الجزع (1).
والحسين سلام الله عليه بكى على من قتل من أهل بيته، وعلى من ظمئ منهم.. يقول الشيخ التستري: إن الطبائع البشرية موجودة فيهم (في أهل البيت عليهم السلام) فيعرضهم الجوع والعطش عند أسبابه، وتحترق قلوبهم لما يرد عليهم (2). وقد بكى على ابن أخيه، القاسم بن الحسن - وهو غلام لم يبلغ الحلم - حينما برز إلى الحرب، فاعتنقه حتى غشي عليه. وبكى على ولده علي الأكبر حين برز إلى الميدان وحين استشهد، وبكى على أخيه العباس حين وجده قطيع اليدين، مطفأ العينين، واحدة قد نبت فيها السهم، والأخرى قد جمد عليها الدم، والرأس مفضوخ بعمود قد نثر دماغه على كتفيه، والسهام تجمعت على بدنه الشريف.
وهنا نقف على صبر الإمام الحسين عليه السلام في خصائصه.. فالصبر

١ - مسكن الفؤاد: ٩٢.
2 - الخصائص الحسينية: 40.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست