الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٣٧
أخرجك عن حرم جدك؟ فأجابه عليه السلام: يا أبا هرم! إن بني أمية شتموا عرضي فصبرت، وأخذوا مالي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت... (1).
أما الذي لم يصبر عليه الإمام الحسين صلوات الله عليه - وهو الغيور - فهو أن يرى بني أمية ينزون على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، يحرفون الكلم عن مواضعه، ويحكمون بما لم ينزل به الله به كتابا، ويذلون عباد الله، ويهينون أولياء الله، ويعودون بالناس القهقري إلى الجاهلية الأولى، ويهلكون الحرث والنسل، ويشيعون الفساد والإفساد، ويسلبون الأموال، ويقتلون الرجال، ويهتكون الأعراض.. فوقف يعلنها ثورة دونها الأبدان والأنفس والدماء، فقال خاطبا:
ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما (2).
وأي صبر هذا حينما يقدم المرء على الموت يرفع إليه قدميه مقبلا عليه، راغبا فيه، يراه السعادة بعينها، ذلك لأنه لا يستطيع الصبر على ظلم الظالمين، ولا يقوى أن يرى كيف تهتك مقدسات الدين.
فصبر الإمام الحسين عليه السلام حينما كلفه الله بالصمت، وصبر أيضا حينما كلفه سبحانه وتعالى بالسفر إلى كربلاء، وصبر في كل موقف بما يقتضيه حكم الله عز وجل، ولم يعرف منه أنه ضعف في موقف أو حالة.. بل كان - إذا حدث الخصوم - يريد لهم النصيحة في الله لا إنقاذ نفسه من سيوفهم، وهو

١ - اللهوف: ٦٢، ومقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي ١: ٢٢٦.
٢ - تاريخ الطبري ٧: ٣٠٠. وغيره كثير.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست