الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٢٠٠
لكم، فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم (1).
فتلقون للسيوف ضربا وللرماح وردا وللعمد حطما وللسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
قال معاوية: حسبك يا أبا عبد الله.. قد بلغت (2).
ولم تعبر الاحتجاجات الحسينية عن الشجاعة الحسينية فقط، بل عبرت أيضا عن الموقف الكاشف للحق والباطل، وعبرت كذلك عن العلم الجم، والغيرة على الدين، وأخلاق المحاججة بما يناسب أعداء الله، وعن جهاد الكلمة الشجاعة الداعية إلى سبيل الله على هدى وبصيرة.. وأدت إضافة إلى كل ذلك دور توعية الناس، وإيقاظهم من غفلتهم، وتعريفهم ما هم عليه وما ينبغي عليهم، ومن هو المتحكم في مقدساتهم، ومن ينبغي أن يكون إمامهم.
صحيح أن الإمام الحسين سلام الله عليه أطلقها كلمات وعبارات وجملا في وجه معاوية وأزلامه، إلا أنه ثبت الموقف الشرعي، ووصم أهل العار بعارهم، وأطلق كلمة الحق في وجه السلطان الشرير، وكلمة العدل في وجه السلطان الظالم.. وهذا يحتاج إلى شجاعة يفتقدها الناس، ولذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:
ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه، ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر (3).
وفي بيان فضيلة ذلك وردت الروايات الوفيرة، منها قوله صلى الله عليه وآله: أحب الجهاد إلى الله.. كلمة حق تقال لإمام جائر (4).

١ - سورة الأنفال: ٤٨.
٢ - الإحتجاج: ٢٩٨ و ٢٩٩، المناقب 4: 67.
3 - كنز العمال: الخبر 43588.
4 - نفسه: الخبر 5510.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست