الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٩٢
شيعة علي وأهل بيته شهادة، وانظروا قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ومحبي أهل بيته وأهل ولايته، والذين يروون فضله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا بمن يروي من مناقبه واسم أبيه وقبيلته. ففعلوا، حتى كثرت الرواية في عثمان، وافتعلوها لما كان يبعث إليهم من الصلات والخلع والقطائع من العرب والموالي، وكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في الأموال والدنيا، فليس أحد يجئ من مصر من الأمصار فيروي في عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب اسمه وأجيز، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، فادعوا الناس إلى الرواية في معاوية وفضله وسوابقه، فإن ذلك أحب إلينا، وأقر لأعيننا، وأدحض لحجة أهل البيت وأشد عليهم. فقرأ كل أمير وقاض كتابه على الناس، فأخذ الرواة في فضائل معاوية على المنبر في كل كورة وكل مسجد زورا، وألقوا ذلك إلى معلمي الكتاتيب فعلموا ذلك صبيانهم كما يعلمونهم القرآن، حتى علموه بناتهم ونساءهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
وكتب زياد بن أبيه إليه في حق الحضرميين: إنهم على دين علي وعلى رأيه. فكتب إليه معاوية: اقتل كل من كان على دين علي ورأيه. فقتلهم ومثل بهم.
وكتب كتابا آخر: انظروا من قبلكم من شيعة علي واتهمتموه بحبه فاقتلوه، وإن لم تقم عليه البينة فاقتلوه على التهمة والظنة والشبهة، تحت كل حجر. حتى لو كان الرجل تسقط منه كلمة ضربت عنقه، حتى لو كان الرجل يرمى بالزندقة والكفر كان يكرم ويعظم ولا يتعرض له بمكروه، والرجل من الشيعة لا يأمن على نفسه في بلد من البلدان لا سيما الكوفة والبصرة، حتى لو أن أحدا منهم أراد أن يلقي سرا إلى من يثق به لأتاه في بيته فيخاف خادمه
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست