وأرسل معاوية يزيد إلى الحج، وقيل بل أخذه معه، فجلس يزيد بالمدينة على شراب، فاستأذن عليه عبد الله بن عباس والحسين بن علي، فأمر يزيد بشرابه فرفع، وقيل له: إن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه. فحجبه وأذن للحسين، فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب، فقال: ما هذا يا ابن معاوية؟
فقال: يا أبا عبد الله! هذا طيب يصنع لنا بالشام.
ثم دعا بقدح فشربه، ثم دعا بقدح آخر فقال: اسق أبا عبد الله يا غلام، فقال الحسين: عليك شرابك أيها المرء! فقال يزيد:
ألا يا صاح للعجب * دعوتك ثم لم تجب إلى القينات واللذات * والصهباء والطرب وباطية مكللة * عليها سادة العرب وفيهن التي تبلت * فؤادك ثم لم تتب فوثب الحسين عليه وقال: بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت (1).
وذكر اليعقوبي أن معاوية حج وحاول أن يأخذ البيعة من أهل مكة والمدينة، فأبى عبد الله بن عمر وقال: نبايع من يلعب بالقرود والكلاب، ويشرب الخمر ويظهر الفسق؟! ما حجتنا عند الله؟!
وقال عبد الله بن الزبير: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد أفسد علينا ديننا (2). وفي رواية، أن الحسين عليه السلام قال لمعاوية: كأنك تصف محجوبا، أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان احتويته لعلم خاص. وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد في ما أخذ من استقرائه