حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع، قال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني نارا حتى تنتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد، حتى تمر بثقيف لا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته، وذلك قبل خروج القائم عليه السلام. انتهى.
والأمكنة التي ذكرتها الروايتان، من أمكنة الكوفة التي ثبت أن الإمام المهدي عليه السلام سيتخذها عاصمة له.
وقول الإمام الصادق عليه السلام (تأويلها فيما يأتي) يدل على أن مذهب أهل البيت عليهم السلام أن العذاب الواقع في الآية وعيد إلهي مفتوح منه ما وقع فيما مضى على المشركين والمنافقين، ومنه ما يقع فيما يأتي على بقيتهم.. وهو المناسب لإطلاق التهديد في الآية ، ولسنة الله تعالى وانتصاره لدينه وأوليائه.
* * المسألة الثالثة: هل العذاب في سورة المعارج دنيوي أم أخروي المتأمل في السورة نفسها بقطع النظر عن الأحاديث والتفاسير.. يلاحظ في النظرة الأولى أن موضوعها ومحور كل آياتها هو العذاب الأخروي وليس الدنيوي. كما أن آياتها لا تنص على ذم السائل لأنه سأل عن ذلك العذاب، فقد يكون مجرد مستفهم لا ذنب له، وقد يكون السائل بالعذاب هنا بمعنى الداعي به، وقد رأيت أن القرطبي ذكر قولا بأن السائل بالعذاب نبي الله نوح عليه السلام، وقولا آخر بأنه نبينا صلى الله عليه وآله!
ولذلك يرد في الذهن سؤال: من أين أطبق المفسرون الشيعة والسنة على أنها تشمل العذاب الدنيوي وأن ذلك السائل بالعذاب سأل متحديا ومكذبا؟!
والجواب: أن سر ذلك يكمن في (باء) العذاب، وأن (سأل به) تعني التساؤل عن الشيء المدعي وطلبه، استنكارا وتحديا! فكلمة (سأل به) تدل على أن السائل سمع بهذا العذاب ، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان ينذرهم بالعذاب الدنيوي والأخروي معا.. فتساءل عنه، وأنكره، وتحدى أن يقع!
وقد أجابه الله تعالى بالسورة، ولم ينف سبحانه العذاب الدنيوي لأعدائه، وإن كان ركز