آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٦٠
ابن عباس وعائشة وجابر إنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة وتعذر أنه يوم الجمعة لحديث أنس ، فتعين على هذا أنه عليه السلام خرج من المدينة يوم السبت، وظن الراوي أن الشهر يكون تاما فاتفق في تلك السنة نقصانه، فانسلخ يوم الأربعاء واستهل شهر ذي الحجة ليلة الخميس . ويؤيده ما وقع في رواية جابر: لخمس بقين أو أربع.
وهذا التقريب على هذا التقدير لا محيد عنه ولا بد منه. والله أعلم. انتهى.
ويظهر من كلام ابن كثير عدم اطمئنانه بهذه التقديرات، لأنه رأى تشكيك الخليفة عمر نفسه ، وتشكيك سفيان الثوري الذي رواه البخاري، وتشكيك النسائي. وجزم ابن حزم بأن سفره صلى الله عليه وآله كان يوم الخميس.
ونلاحظ أنه استدل على أن خروج النبي صلى الله عليه وآله يوم الخميس بالمصادرة على المطلوب فقال (لما ثبت بالتواتر والإجماع من أنه عليه السلام وقف بعرفة يوم الجمعة)، فأي تواتر وإجماع يقصد، وما زال في أول البحث؟!
كما أنه استدل على أن سفر النبي صلى الله عليه وآله لم يبدأ من المدينة يوم الجمعة برواية أنس أن النبي صلى الظهر والعصر ولم يصل الجمعة، وهو استدلال يؤيد قول أهل البيت عليهم السلام بأن بدء سفره كان الخميس لأربع بقين من ذي القعدة! وقد تقدمت الرواية عندنا أنه صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر في ذي الحليفة.
ولو صحت رواية أنس بأنه صلى الظهر في مسجده في المدينة، ثم صلى العصر في ذي الحليفة ، فلا ينافي ذلك أن يكون سفره الخميس، بل يكون معناه أنه أحرم بعد العصر من ذي الحليفة ، وواصل سفره صلى الله عليه وآله.
* * والنتيجة: أن القول بنزول آية إكمال الدين في يوم عرفة، يرد عليه إشكالات عديدة، سواء في منطقه، أم في تاريخه وتوقيته.. وكلها تستوجب من الباحث المنصف أن يتركه ولا يأخذ به.
ويكون رأي أهل البيت عليهم السلام ومن وافقهم في سبب نزول الآية بدون معارض معتد به ، لأن المعارض الذي لا يستطيع النهوض للمعارضة كعدمه.. أما تمسككم بصحة سنده فالمتن الكسيح لا ينهضه السند الصحيح!!
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»