آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٢٥٩
رأيت في روايات أهل البيت عليهم السلام ورواية البخاري الآنفة! وبذلك تسقط رواية خروجه من المدينة لست بقين من ذي الحجة، كما في عمدة القاري، وإرشاد الساري، وابن حزم، وهامش السيرة الحلبية: 3 / 257، لأنها تستلزم أن تكون مدة السير إلى مكة عشرة أيام !
* * وبهذا يتضح حال القول المخالف لرواية أهل البيت عليهم السلام الذي اعتمد أصحابه رواية (خمس بقين من ذي القعدة) وحاولوا تطبيقها على يوم السبت، ليجعلوا أول ذي الحجة الخميس ، ويجعلوا يوم عرفة يوم الجمعة تصديقا لقول عمر، بل تراهم ملكيين أكثر من الملك، لما تقدم عن عمر من أن يوم عرفة كان يوم الخميس. وممن قال برواية السبت ابن سعد في الطبقات : 2 / 124، والواقدي في المغازي: 2 / 1089، وكذا في هامش السيرة الحلبية: 3 / 3 ، والطبري: 3 / 148، وتاريخ الذهبي: 2 / 701، وغيرهم.
وعلى هذه الرواية يكون الباقي من شهر ذي القعدة خمسة أيام هي: السبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، ويكون أول ذي الحجة الخميس، ويكون يوم عرفة يوم الجمعة، وتكون مدة السير إلى مكة تسعة أيام، إلا أن يكون الراوي تصور أن ذي القعدة كان تاما، فظهر ناقصا.
وقد حاول ابن كثير الدفاع عن هذا القول، فقال في سيرته: 4 / 217:
وقال أحمد... عن أنس بن مالك الأنصاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر في مسجده بالمدينة أربع ركعات، ثم صلى بنا العصر بذي الحليفة ركعتين آمنا لا يخاف، في حجة الوداع. تفرد به أحمد من هذين الوجهين، وهما على شرط الصحيح. وهذا ينفي كون خروجه عليه السلام يوم الجمعة قطعا.
ولا يجوز على هذا أن يكون خروجه يوم الخميس كما قال ابن حزم، لأنه كان يوم الرابع والعشرين من ذي القعدة، لأنه لا خلاف أن أول ذي الحجة كان يوم الخميس لما ثبت (بالتواتر والإجماع ) من أنه عليه السلام وقف بعرفة يوم الجمعة، وهو تاسع ذي الحجة بلا نزاع.
فلو كان خروجه يوم الخميس الرابع والعشرين من ذي القعدة، لبقي في الشهر ست ليال قطعا : ليلة الجمعة والسبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء. فهذه ست ليال. وقد قال
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»