آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٩٤
سيعمل بالوصية، ولن يجرد ذا الفقار، حتى لو ضربوا الزهراء عليها السلام وأسقطوا جنينها !!
وحاصل مسألتنا أن الخلافة القرشية قد ردت أقوال علي بأن عنده مواريث النبي صلى الله عليه وآله وعلمه، ونفت أن يكون النبي صلى الله عليه وآله ورث عترته شيئا، لا علما ولا أوقافا ولا مالا! وبذلك صادر أبو بكر مزرعة فدك، التي كان النبي صلى الله عليه وآله أعطاها آل فاطمة عليها السلام عندما نزل قوله تعالى (وآت ذا القربى حقه)!
بل زادت السلطة على نفي كلام علي، وحاولت أن تستفيد من آية الأمر بالتبليغ التي هي موضوع بحثنا فقالت: من قال إن النبي صلى الله عليه وآله قد بلغه وحده أمورا وأحكاما ، ولم يبلغها إلى الأمة عامة، فقد اتهم النبي صلى الله عليه وآله بأنه قصر في تبليغ الأمة، وهو نوع من الكفر به صلى الله عليه وآله!! وليست مقولة عائشة المتقدمة إلا مقولة السلطة في رد قول علي عليه السلام.. قال البخاري في صحيحه: 5 / 188:
باب يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وآله كتم شيئا مما أنزل عليه، فقد كذب، والله يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. الآية. انتهى. ثم كرر البخاري ذلك في: 6 / 50 و 8 / 210، ومسلم: 1 / 10، والترمذي: 4 / 328... وغيرهم.
ولكن هذه العملية من خصوم علي عليه السلام تتضمن مغالطتين:
في توسيع معنى المأمور بتبليغه، وتوسيع المأمور بتبليغهم! كما تتضمن تحريفا لمقولة علي عليه السلام وشيعته!
فليس كل ما قاله الله تعالى لرسوله أوجب عليه أن يبلغه.. فإن علوم النبي صلى الله عليه وآله وما أوحى الله إليه، وألهمه إياه، وما شاهده في إسرائه ومعراجه.. أوسع مما بلغه لعامة الناس، بأضعاف مضاعفة، ولا يمكن أن يوجب الله تعالى عليه تبليغها، لأن الناس لا يطيقونها حتى لو كانوا مؤمنين!
ولا كل شيء أمره أن يبلغه، أمره أن يبلغه إلى كل الناس بدون استثناء.. فهناك أمور عامة لكل الناس، وقد بلغها لهم، وأمور خاصة لأناس خاصين مؤمنين أو كافرين، وقد بلغها لأصحابها، مثل قوله تعالى (قل لهم في أنفسهم قولا بليغا).. إلخ. ولم يقل علي عليه
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»