تبليغه لهم، فجاءت الآية لتقول له: لا تتأخر في التنفيذ، ولا تفكر في موقف الناس ، هل يؤمنون أو يكفرون.. ولكن نطمئنك بأنهم سوف لن يكفروا، وسنعصمك منهم.
وهذا هو تفسير أهل البيت عليهم السلام وما وأفقه من أحاديث السنيين.
المسألة الثانية: فيما يصحح الشرط والمشروط به في التبليغ وقد اتضح ذلك من المسألة الأولى، وأنه لا معنى لقولك: يا فلان بلغ رسائلي التي سوف أرسلها معك، فإنك إن لم تفعل لم تبلغ رسائلي! لأنه من المعلوم أنه إن لم يفعل، فلم يبلغ رسائلك، ويكون كلامك من نوع قول الشاعر: وفسر الماء بعد الجهد بالماء!
نعم يصح أن تقول له عن رسالة معينة فعلية أو مستقبلية: إن هذه الرسالة مهمة وضرورية جدا، وإن لم تبلغها، فإنك لم تبلغ شيئا من رسائلي!
قال في تفسير الميزان: 6 / 49:
فالكلام موضوع في صورة التهديد وحقيقته بيان أهمية الحكم، وأنه بحيث لو لم يصل إلى الناس ولم يراع حقه، كان كأن لم يراع حق شيء من أجزاء الدين. فقوله: وإن لم تفعل فما بلغت، جملة شرطية سيقت لبيان أهمية الشرط وجودا وعدما، لترتب الجزاء الأهم عليه وجودا وعدما، وليست شرطية مسوقة على طبع الشرطيات الدائرة عندنا، فإنا نستعمل إن الشرطية طبعا فيما نجهل تحقق الجزاء للجهل بتحقق الشرط، وحاشا ساحة النبي صلى الله عليه وآله من أن يقدر القرآن في حقه احتمال أن يبلغ الحكم النازل عليه من ربه، وأن لا يبلغ!
انتهى.
المسألة الثالثة: في نوع تخوف النبي صلى الله عليه وآله ولا بد من القول بأن الخوف الذي كان عند النبي صلى الله عليه وآله كان خوفا على الرسالة وليس على شخصه من القتل أو الأذى، وذلك لشجاعته وعصمته عن التباطؤ عن التبليغ بسبب الخوف من ذلك صلى الله عليه وآله.
فإن الله تعالى كان أخبر رسوله صلى الله عليه وآله من الأيام الأولى لبعثته، بثقل مسؤولية النبوة والرسالة وجسامة تبعاتها.. وكان صلوات الله عليه وآله موطنا نفسه على ذلك كله ، فلا معنى لأن يقال بأنه تلكأ بعد ذلك، أو تباطأ أو امتنع في أول البعثة، أو في وسطها أو في آخرها، حتى جاءه التهديد والتطمين!!