آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٩٠
وقد تبين مما تقدم أن الخوف الذي كان يعيشه النبي صلى الله عليه وآله عند نزول الآية ، ليس إلا خوفه من ارتداد الأمة، وعدم قبولها إمامة عترته من بعده، وأن يقول قائل منهم جاري ابن عمه، ويشكوا في رسالته!
المسألة الرابعة: في معنى الناس في الآية قال الفخر الرازي في تفسيره: مجلد 6 جزء 12 / 50:
واعلم أن المراد من (الناس) ها هنا الكفار بدليل قوله تعالى: إن الله لا يهدي القوم الكافرين... لا يمكنهم مما يريدون. انتهى.
ولا يمكن قبول ذلك، لأن نص الآية (يعصمك من الناس) وهو لفظ أعم من المسلمين والكفار ، فلا وجه لحصره بالكفار.. وقد تصور الرازي أن المعصوم منهم هم الذين لا يهديهم الله تعالى، وأن المعنى: إن الله سيعصمك من الكفار ولا يهديهم!
ولكنه تصور خاطئ، لأن ربط عدم هدايته تعالى للكفار بالآية يتحقق من وجوه عديدة..
فقد يكون المعنى: سيعصمك من كل الناس، ولا يهدي من يقصدك بأذى لأنه كافر. أو يكون المعنى: بلغ وسيعصمك الله من الناس، ومن أبى ما تبلغه فهو كافر، ولا يهديه الله تعالى .
وهذا المعنى الأخير هو المرجح. وقد ورد شبيهه في البخاري: 8 / 139 قال:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ! قالوا: يا رسول الله ومن يأبى! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.
انتهى.
فإبقاء لفظة (الناس) على إطلاقه وشموله للجميع، يتناسب مع مصدر الأذى والخطر على النبي صلى الله عليه وآله الذي هو غير محصور بالكفار، بل يشمل المنافقين من الأمة أيضا .
بل عرفت أن الخطر عند نزول الآية كاد يكون محصورا بالمنافقين. ولكن الرازي يريد إبعاد الذم في الآية عن القرشيين المنافقين، وإبعاد الأمر الإلهي فيها عن تبليغ ولاية أمير المؤمنين علي عليه السلام!
المسألة الخامسة: في معنى العصمة من الناس
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»