آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٩٩
قول جمهور المسلمين أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وآله في إحدى عشرة عقدة.. فاعلم أن المعتزلة أنكروا ذلك بأسرهم. وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: والله يعصمك من الناس... قال الأصحاب: هذه القصة قد صحت عند جمهور أهل النقل .. إلخ. انتهى.
ولكن هؤلاء قلة من علماء السنة، فأكثرهم يقبلون أحاديث سحر نبيهم!
وأصل المشكلة عندهم أنهم يقبلون كلام عائشة وكلام البخاري مهما كان، ولا يسمحون لأنفسهم ولا لأحد أن يبحثه وينقده.. وقد أوقعهم هذا المنهج في مشكلات عقائدية عديدة، في التوحيد والنبوة والشفاعة.. ومنها أحاديث بدء الوحي وورقة بن نوفل، وحديث الغرانيق الذي أخذه المرتد سلمان رشدي وحرفه وسماه الآيات الشيطانية.. ومنها أحاديث أن اليهود سحروا النبي صلى الله عليه وآله! وبطل روايتها البخاري عن عائشة!
وقد تحيروا فيها كما رأيت، ولم يجرؤ أحد منهم على القول إنها من المكذوبات على عائشة ، أو من خيالات النساء..
والرد الصحيح أن تهمة السحر تتنافى مع أصل النبوة، وأنها تهمة الكفار التي برأ الله نبيه صلى الله عليه وآله، منها بنص القرآن، كما تقدم.
أما ردها بآية العصمة فهو ضعيف، لأنه قد يجاب عنه بأن آية العصمة نزلت في آخر عمره صلى الله عليه وآله، وقصة السحر المزعومة كانت قبلها.
وأما على تفسيرنا للآية، أن عصمته صلى الله عليه وآله من تأثير السحر عليه عقلي ونقلي بنص القرآن.. وأما العصمة في الآية فالقدر المتيقن منها عصمته صلى الله عليه وآله من ارتداد قريش والمسلمين في حياته، بسبب تبليغه ولاية عترته من بعده.. فيقتصر فيها على هذا القدر المتيقن، ما لم يقم دليل على شمولها لغيره.
كما يؤكد المفسرون والشراح السنيون عدة مسائل تتعلق بالعصمة من الناس، تحيروا فيها .. منها أن النبي صلى الله عليه وآله قد تمنى القتل في سبيل الله تعالى، مع أن الآية تدل على عصمته من القتل، فهل يجوز أن يتمنى النبي شيئا وهو يعلم أنه لا يكون؟! قال ابن حجر في فتح الباري: 8 / 2644:
عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول.. والذي نفسي بيده لوددت أن
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»