بعضهم إن أبا عبيدة بن عبد الله بن الجراح الفهري لما رأى من تقدم عليه قال: أكل هؤلاء تدعو أمامي؟! فقال: يا أبا عبيدة، اصبر كما صبرت، أو كلم قومك فمن قدمك منهم على نفسه لم أمنعه، فأما أنا وبنو عدي فنقدمك إن أحببت على أنفسنا. قال فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر، فصل بهم بين بني عبد مناف وأسد بن عبد العزى. وشجر بين بني سهم وعدي شيء في زمان المهدي فافترقوا، فأمر المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمح، للسابقة فيهم). انتهى.
* * وقد اعترف الجميع بأن فرع هاشم كانوا مميزين على بقية الفروع في فكرهم وسلوكهم، متفوقين في فعاليتهم وقيمهم.. وأن جماهير القبائل والملوك كانوا يحترمونهم احتراما خاصا.
. حتى حسدهم زعماء قريش، وتحالفوا ضدهم من أيام هاشم وعبد المطلب.
فقد رتب هاشم (رحلة الصيف) إلى الشام وفلسطين ومصر لقبائل قريش كلها، فسافر في الصحاري والدول، وفاوض رؤساء القبائل، والملوك، الذين تمر قوافل قريش التجارية في مناطقهم ، وعقد معهم جميعا معاهدات بعدم الغارة عليها وضمان سلامتها.
وقد فرحت قبائل قريش بهذا الإنجاز، وبادرت إلى الاستفادة منه، ولكنها حسدت هاشما، وتمنى زعماؤها لو أن ذلك تم على يدهم، وكان فخره لهم.
وقد توفي هاشم مبكرا في إحدى سفراته في أرض غزة، في ظروف يحق للباحث أن يشك فيها!
ولكن بيت هاشم لم ينطفئ بعده، فسرعان ما ظهر ولده عبد المطلب، وساد في قومه، وواصل مآثر أبيه، فرتب لقريش رحلة الشتاء إلى اليمن، وعقد معاهدات لحماية قوافلها مع القبائل التي تمر عليها، ومع ملك اليمن، وفاز بفخرها كما فاز أبوه بفخر رحلة الصيف.
وعلى الصعيد المعنوي.. كانت قبائل قريش ترى أن بني هاشم وعبد المطلب يباهون دائما بانتمائهم إلى إسماعيل واتباعهم لملة إبراهيم، كأنهم وحدهم أبناء إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام، بل كان بنو هاشم يطعنون في نسب غيرهم! كما فعل أبو طالب وبعده النبي صلى الله عليه وآله!
وتفاقم الأمر على قريش.. عندما أخذ عبد المطلب يدعي الإلهام عن طريق الرؤيا الصادقة ، فأخبرهم بأن الله تعالى أمره بحفر زمزم التي جفت وانقرضت من قديم، فحفرها ونبع ماؤها