شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٥ - الصفحة ٢٤٥
عساكر عن أم سلمة) 1).
١) ولأم الحسنين عليهم السلام خصائص لم يعطها الله تعالى أحدا غيرها كثيرة ذكرها أرباب التاليف من الشيعة والسنة في مجاميعهم، ومنهم العلامة الكبير الشيخ زين الدين محمد عبد الرؤف بن علي بن زين العابدين الشافعي المناوي القاهري المتوفى سنة ١٠٣١ ه في (إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل) ص ٨٥ ط مكتبة القرآن بالقاهرة - قال:
[خصائصها ومزاياها على غيرها] وهي كثيرة:
الأولى - أنها أفضل هذه الأمة:
روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح مرفوعا (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم).
وفي رواية صحيحة (إلا ما كان من مريم بنت عمران) فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها، فإنما هو من حديث الأمومة فقط.
وقال أيضا في ص 89:
الثانية: أنه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرتها.
قال المحب الطبري: قد دلت الأخبار - أي الأخبار المارة - على تحريم نكاح علي على فاطمة حتى تأذن. ويدل عليه قوله تعالى:
- (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله).
وقال أيضا في ص 90:
[الثالثة أنها كانت لا تحيض أبدا].
كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
قالت المولدات: طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة ولذلك سميت الزهراء!!
ومن جزم بذلك من أصحاب الشافعية: المحب الطبري وأورد فيه حديثين:
إنها حوراء آدمية طاهرة مطهرة، لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث، ولا في ولادة.
لكن الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة.
وهما موضوعان كما جزم به ابن الجوزي، وأقره على ذلك جمع منهم:
الجلال السيوطي مع شده عليه.
[الرابعة أنها كانت لا تجوع] روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة فوقفت بين يديه فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها، غلبت عليها الصفرة من شدة الجوع، فرفع يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة، وفرج بين أصابعه ثم قال: اللهم مشبع الجماعة، ورافع الوضيعة ارفع فاطمة بنت محمد.
قال عمران: فسألتها بعد قالت: ما جعت بعد يا عمران!
وعنه أيضا: إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة فقامت بحذائه مقابلة فقال: أدني يا فاطمة، فدنت دنوة، ثم قال: ادني فدنت حتى قامت بين يديه.
قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها وذهب الدم، فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ثم وضع كفه بين ثديها، فرفع رأسه فقال:
(اللهم مسبغ الجوعة، وقاضي الحاجة، ورافع الوضيعة، لا تجع فاطمة بنت محمد).
فرأيت صفره الجوع قد ذهبت عن وجهها وظهر الدم، ثم سألتها بعد فقالت ما جعت بعد ذلك أبدا.
[رواه الطبراني في الأوسط. وفيه عقبة بن حميد، وثقه ابن حيان وغيره، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله موثقون].
وروى أحمد عن أنس: أن بلالا أبطا عن صلاة الصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حبسك؟ قال: مررت بفاطمة تطحن والصبي يبكي فقلت:
أن شئت كفيتك الرحى وكفيتني الصبي، وأن شئت كفيتك الصبي، وكفيتني الرحى قالت: أنا أرفق بابني منك! فذلك الذي حبسني.
ورواه الطبراني بسند حسين عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال: أين ابناي؟ يعني الحسن والحسين.
قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شئ يذوقه ذائق، فقال علي: أذهب بهما، فإني أخاف أن يبكيا عليك وليس عندك شئ!
فذهب بهما إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما في سربه بين يديهما فضل من تمر.
فقال يا علي: ألا تنقلب بابني قبل الحر؟ قال: أصبحنا وليس عندنا شئ، فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة بعض تمرات.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع لفاطمة شئ من تمر، فجعله في حجره، ثم أقبل فحمل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وحمل علي الآخر حتى أقبلها.
وقال أيضا في ص 93:
[الخامسة يقال إنها: لم تغسل بعد الموت، وإنها غسلت نفسها] لما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن سعد في طبقاته عن سلمى قالت:
اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيه، فكنت أمرضها، فأصبحت يوما وخرج علي لبعض حاجته، فقالت: يا أمة اسكبي لي غسلا، فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالت: أعطيني ثيابي الجدد، فلبستها، ثم قالت:
قربي فراشي وسط البيت، فاضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها وقالت: يا أمة أني مقبوضة وقد تطهرت فلا يكشفني أحد. فقبضت مكانها.
فجاء علي فأخبرته فقال: لا والله لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك [حديث غريب، وإسناده جيد، ولكن فيه ابن إسحاق وقد ضعفه] وله شواهد ومرسل وهو:
ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل: إن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت، ودعت بثياب كفنها، فأتيت بثياب غلاظ خشنة، فلبستها، ومست من حنوط ثم أمرت ألا يكشفها أحد إذا قبضت، وأن تدرج كما في ثيابها.
فقلت له: هل علمت أحدا فعل ذلك؟ قال: نعم كثير بن العباس، وكتب في أطراف أكفانه: يشهد كثير بن العباس: أنه لا إله إلا الله.
[وقد أنكر الحافظ ابن حجر في القوم المسدد في الذب عن مسند أحمد علي ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع] وقال كثيرون:
غسلها زوجها علي، أو أسماء بنت عميس، وصلى علي عليها ودفنها ليلا بوصية منها، في محل فيه ولدها الحسن تحت محرابها.
وكان موتها بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ستة أشهر على الصحيح، وقيل بثمانية، وقيل بثلاثة، وقيل بشهرين ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة قال الذهبي: والصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة، وقيل: إحدى وعشرون وقيل: ست وعشرون، وقيل: تسع وعشرون، وقيل: ثلاث وثلاثون، وقيل:
خمس وثلاثون.
وقال عبد الله بن الحارث ك مكثت بعد أبيها ستة أشهر، وهي تذوب، وما ضحكت بعده أبدا.
وروى الطبراني بسند رجاله موثوقون - لكن فيه انقطاع - عن جعفر بن محمد: مكثت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ما رؤيت ضاحكة .. الحديث.