الإنسانية إذا لم تلتق بمصلحته الخاصة؟!، ومن الذي يكفل سعيه في سبيل تطبيق ذلك النظام الأصلح للإنسانية إذا تعارض مع مصالحه الخاصة؟!. فهل يكفي _ مثلا _ ايمان الرأسماليين بأن النظام الاشتراكي أصلح سببا لتطبيقهم للاشتراكية ورضاهم عنها، بالرغم من تناقضها مع مصالحهم؟!، أو هل يكفي ايمان الإنسان المعاصر (انسان الحضارة الغربية) _ في ضوء تجاربه التي عاشها _ بالخطر الكامن في نظام العلاقات بين الرجل والمرأة، القائم على أساس الخلاعة والإباحية.. هل يكفي ايمانه بما تشتمل عليه هذه العلاقات من خطر الميوعة والذوبان على مستقبل الإنسان وغده.. لاندفاعه إلى تطوير تلك العلاقات بالشكل الذي يضمن للإنسانية مستقبلها ويحميها من الذوبان الجنسي والشهوي، ما دام لا يشعر بخطر معاصر على واقعه الذي يعيشه، وما دامت تلك العلاقات توفر له كثيرا من ألوان المتعة واللذة؟
نحن اذن وفي هذا الضوء، نشعر بحاجة لا إلى اكتشاف النظام الأصلح لمجموع الإنسانية فحسب، بل إلى دافع يجعلنا نعنى بمصالح الإنسانية ككل، ونسعى إلى تحقيقها، وان اختلفت مع مصالح الجزء الذي نمثله من ذلك الكل.
رابعا: ان النظام الذي ينشئه الإنسان الاجتماعي، ويؤمن بصلاحه وكفاءته، لا يمكن أن يكون جديرا بتربية هذا الإنسان، وتصعيده في المجال الإنساني إلى آفاق أرحب.. لأن النظام الذي يصنعه الإنسان الاجتماعي، يعكس دائما واقع الإنسان الذي صنعه، ودرجته الروحية والنفسية. فإذا كان المجتمع يتمتع بدرجة منخفضة من قوة الإرادة وصلابتها مثلا لم يكن ميسورا له أن يربي ارادته وينميها، بايجاد نظام اجتماعي صارم، يغذي الإرادة ويزيد من صلابتها.. لأنه ما دام لا يملك إرادة صلبة، فهو لا يملك القدرة على ايجاد هذا النظام ووضعه موضع التنفيذ وانما يضع النظام الذي يعكس